حركة فتح في الميزان الإنتخابي .. بين الهبوط والصعود .. وتصحيح بوصلة المشروع الوطني ( د. كمال إبراهيم علاونه )


حركة فتح في الميزان الإنتخابي .. بين الهبوط والصعود .. وتصحيح بوصلة المشروع الوطني

د. كمال إبراهيم علاونه

أستاذ العلوم السياسية والإعلام

نابلس – فلسطين

مرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) بمراحل تاريخية سياسية وجغرافية متعددة ، طيلة 53 عاما ، بفصوله الأربعة، منذ نشأتها في 1 كانون الثاني 1965 حتى الآن ( 19 نيسان 2021).

على أي حال ، من أهم أسباب تعددية قوائم حركة فتح في الإنتخابات التشريعية العامة 2021 ..

3 قوائم حركية فتحاوية، مباشرة وغير مباشرة ( العاصفة .. والحرية .. والمستقبل ) .. وكوادر قيادية من الدرجة الأولى، ربما الكثير منهم لديه شعبية أكثر من شخصيات بالقائمة الرسمية، وهم بالعشرات في قوائم المستقلين ( غير المستقلين ) الكثيرة المسجلة رسميا حتى 31 آذار 2021 م أو تلك التي ترددت واحتجبت عن الملأ وعزفت عن التسجيل لدى لجنة الانتخابات المركزية في فلسطين ..

الكارثة الحقيقية الأساسية الأولى هي إستبعاد الثوار القدامى في فتح وتقديم الكثير ممن لا يمت لفتح بصلة في الصفوف الأولى .. اللهم إلا من بعض المنتفعين والمستفيدين غير الشعبيبين

فأصبحت فتح ( بالحاء) الجديدة تختلف عن فتخ ( بالخاء) القديمة .. فكان الإحتلال الصهيوني يحسب ألف حساب لأسرى حركة فتح القدامى ويطلق عليهم مخربي وإرهابيي ( فتخ ) المؤثرين ..

فتدمير فتح جاء من بين أضلعها ومن داخل جلدتها .. وأمسى القيادي الفتحاوى الأصيل في العهد ما قبل كارثة أوسلو على قارعة الطريق من المهمشين الذين تناستهم القيادة الجديدة في فتح ..

و البعض القيادي الفتحاوى الجديد بالصف الأول الذي تسبب في ابتعاد الكثير من المخلصين لأسباب شتى منها :

تفضيل الولاءات الشخصية على الكفاءات العلمية والتنظيمية !!!

فلا مكان لأساتذة الجامعات والأكاديميين البارزين البارين بحركة فتح خصوصا والوطن الفلسطيني عموما ..

ولا مكان للجناح الإسلامي المتنامى بحركة فتح من المتدينين الحقيقيبن الذين تتم ملاحقتهم أمنيا وسياسيا وإقتصاديا وإعلاميا لحجبهم عن الشعب .. وإستجلاب الكثير من العلمانيين وأشباه العلمانيين الكسالى الذين ينفر الجمهور منهم ويشبعهم السباب والشتائم ليل نهار ..

والتدوير الإداري القيادي والتنظيمي لبعض القياديين بشتى المؤسسات والأجهزة .. فقبل أن ينهي قيادته لمؤسسة يستدعى لعمل قيادي جديد ذو القالب الطائع المطيع ..

والنزول عن الجبال العالية للوديان السحيقة .. وحصر المد الثوري بالمقاومة الشعبية الهزيلة وتقديم الخيار السياسي الفاشل على الخيارات المتعددة الأخرى ..

وإقتسام المكاسب ( الغنائم ) للفئة القيادية المهيمنة وعائلاتهم وحاشيتهم ..

وتوزيع المناصب العليا على الكثير ممن لم يكن لهم دور أيام الإحتلال (الضراء) الذين ظهروا بعد أوسلو ( السلم والسراء) وادعوا أنهم من المؤسسين والمخضرمين ..

والزج بالكثير من الفاسدين من ذوي الواسطات والمحسوبيات والعشائرية والقبلية والجهوية المقيَتة ..

والإعتماد على المنافقين المتملقين من الثعالب كالطحالب المتسلقة على جنبات الحركة ..

ومحاربة أسود وشجعان فتح وملاحقتهم لتغييبهم عن المشهد الفلسطيني العام والمشهد الفتحاوى التنظيمي الخاص في كافة المجالات والميادين ..

والتعيينات غير الملائمة في الوزارات والمحليات ( البلدية والقروية ) والهيئات ذات المستوى الوزاري .. والإعلام الفتحاوي والرسمي الضعيف ..

وحالات الإجراءات العقابية ضد قطاع غزة، التي أكلت الأخضر واليابس، فجعلته كهشيم المحتضر، والأغلب هناك يتحين الفرصة للعقاب التاريخي عبر الإنزواء جانبا أو العزوف عن التصويت للحركة، والعمل على التصويت لقوائم أخرى غير قائمة حركة فتح الرسمية ( العاصفة ) التي جردت فعليا من اسمها التاريخي الصحيح العنيف من المواجهة والتحدي الإحتلال ..

ولا ننسى تبعات وإرهاصات وأخطاء وخطايا المؤتمرين الحركيين السابقين : المؤتمر السادس والمؤتمر السابع وما يتم الإعداد له للمؤتمر الثامن في هذا الصيف القائظ .. الساخن بسخونة مرضية كعلامة من علامات المرض الباطني أو الوباء المزمن الذي سيقود إلى الهلاك والمهالك المتوقعة..

والبعض يقول : لماذا هكذا أصبحت حركة فتح؟؟! .. ما لكم كيف تحكمون ؟؟! وكيف تتصرفون؟؟! ولماذا شكلت القوائم الموازية لقائمة حركة فتح الرسمية ، وانخرط الكثير من القيادات الفتحاوية الفعالة الحقيقية في القوائم المستقلة أو سارع لتأسيسها ؟؟!

وبناء عليه، إذا لم تصحح حركة فتح مسارها مع النواة الصلبة فستنهار قبل التحرير الوطني بزمن بعيد .. وما زال هناك وقت ضيق لا يتجاوز الشهر الواحد لإنقاذ حركة فتح من الإنهيار المستقبلي .. فهل تلجأ له لترميم ما يمكن ترميمه وإصلاح ما يمكن إصلاحه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل فوات الأوان ؟؟!

النظام السياسي الفلسطيني العام ، بحاجة للتجديد وللتغيير والإصلاح، وإصلاح حركة فتح يقع في طليعة هذا الأمر، للولوج إلى المشروع الوطني الشامل والمتكامل بخطة إستراتيجية وطنية شاملة تقوم على تقويم المسيرة الوطنية والشراكة الوطنية الشاملة وتوزيع الأدوار وحكومة الإنقاذ الوطني التي تضم الكل الفلسطيني .

وخير مثال عربي حي على الهبوط الانتخابي والرسوب الشعبي ـ هو جبهة التحرير الوطني الجزائرية التي إنهارت بعد التحرير وحركة فتح على شفا الإنهيار قبل التحرير .. فهلا إعتبرتم ؟؟!

فهل عقت حركة فتح أبنائها المركزيين قبل عقوق الأبناء لها ؟؟! الأيام والأسابيع والشهور المقبلة ستجاوب على هذا السؤال الرئيسي الكبير بفروعه المتشعبة ..

الإنهيار التنظيمي والشعبي والرسمي المدوي وغير المسبوق هذه المرة سيكون صاعقا ومحزنا ومؤلما للجميع : الشعب الفلسطيني وحركة فتح ذاتها عبر الإنتخابات البرلمانية الفلسطينية الثالثة التي ستجرى في يوم السبت 22 أيار 2021 م، إن تمت فلن تحصل قائمة حركة فتح الرسمية حسب التقديرات والتخمينات العلمية الحيادية والفصائلية الحزبية على الأكثر ، على ثلث مقاعد البرلمان الداخلي الفلسطيني ( في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة ) من أصل 132 مقعدا ، وبالحد الأدنى على ربع المقاعد البرلمانية. َوعندئذ سيتخلى عنها الطارئون الجدد وستتراجع وسيتراجع معها المشروع الوطني العام بصورة إجمالية .. فلا ينفع الندم بيوم الاقتراع الانتخابي إن تم بهذه الطريقة المتهالكة .. ولات حين مناص . فهل تدرك قيادة حركة فتح الحالية نفسها الهبوط والسقوط وقبل فوات الأوان ، وتصحح مسيرتها التنظيمية والسياسية وتلملم شعثها وتعيد تنظيم صفوفها مجددا وتسترجع قوتها وتتصالح مع نفسها وإرضاء الممتعضين المعارضين داخلها والحردانين والزعلانين وهم من القياديين الميدانيين الفعالين من القدامى والجدد، المؤثرين المؤمنين بحتمية النصر ، في المؤتمر الثامن المقبل على أسس حركية تنظيمية ومؤسسية وعلمية ودينية وكفاحية شاملة ومتكاملة قبل إنعقاد الإنتخابات العامة الفلسطينية .. وممن طالما رددوا، في أقوالهم وأفعالهم :

وإنها لثورة حتى النصر .. حتى النصر .. حتى النصر ..

والله ولي التوفيق. سلام قولا من رب رحيم.

تحريرا في يوم الاثنين 7 رمضان 1442 هجرية / 19 نيسان 2021 م.

أضف تعليق