الطلاق في الإسلام .. الأسباب والأضرار .. الزواج الإيماني .. أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ ..  .. الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ .. وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ .. (د. كمال إبراهيم علاونه) 


الطلاق في الإسلام .. الأسباب والأضرار ..

الزواج الإيماني .. أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ .. 

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ .. الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ..

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا .. وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ..

د. كمال إبراهيم علاونه

رئيس شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )

مدير عام مركز العالم الثقافي

نابلس – فلسطين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ :

{ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)}( القرآن المجيد – سورة البقرة ) .

إستهلال

الزواج هو استقرار نفسي للشاب والفتاة ، وهو سبب التكاثر الطبيعي الشرعي ، ضمن الميثاق الغليظ ، وينتج عن الزواج تكوين الأسر الجديدة ، وبناء المجتمع المدني الإنساني الإسلامي الشامل والمتكامل بما توفره مؤسسة الزواج ( الأسرة ) من السكن والمودة والرحمة داخل الأسرة الواحدة ، والتعاون والتقارب والتآخي بين الأسر والعائلات من أبناء الشعب الواحد أو الأمة الواحدة .

يقول الله الحميد المجيد عز وجل : { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}( القرآن المجيد – سورة الروم ) .

سورة الطلاق في القرآن المجيد .. رقم السورة  65 وآياتها  12 آية

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا (8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)}( القرآن المجيد – سورة الطلاق ) .

رغم أن الأصل في الحياة الإنسانية المجتمعية الجماعية ، هو بناء الأسرة الناجحة وتوفير مقومات النجاح والديمومة والإستمرارية لهذه المؤسسة الاجتماعية ، فإن الله العزيز الحكيم نزل في سورة البقرة ، وهي السورة القرآنية الثانية ، وهي كبرى سور القرآن المجيد قاطبة ، وضمنها الكثير من الآيات القرآنية الكريمة ، لمعالجة شؤون العلاقات الزوجية مثل مسالة الطلاق بصورة شمولية وتكاملية ، لإنصاف المرأة والأطفال والحيلولة دون الظلم ، وحدد الحدود والواجبات الملقاة على الزوج المطلق ، وكذلك فقد خصص الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى ، سورة قرآنية كاملة في الكتاب العزيز ، تحمل سورة الطلاق . وهي السورة رقم 65 ، وعدد آياتها  12 آية بعدد شهور السنة .  وهذه يدلل على أهمية بناء الإسرة المسلمة المتميزة ، وعدم تفكيكها بتاتا ، إلا في حالات الضرورة القصوى .

الطلاق في الأحاديث النبوية الشريفة

يقول الحديث النبوي الشريف الوارد في سنن أبي داود – (ج 6 / ص 91) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ ” .

= صحيح البخاري – (ج 16 / ص 292) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ.

= صحيح البخاري – (ج 16 / ص 306) بَاب إِذَا قَالَ فَارَقْتُكِ أَوْ سَرَّحْتُكِ أَوْ الْخَلِيَّةُ أَوْ الْبَرِيَّةُ أَوْ مَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
{ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا }
وَقَالَ
{ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا }
وَقَالَ
{ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }
وَقَالَ
{ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ }
وَقَالَتْ عَائِشَةُ قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ.

= صحيح البخاري – (ج 16 / ص 307) بَاب مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ نِيَّتُهُ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِذَا طَلَّقَ ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلَاقِ وَالْفِرَاقِ وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِطَعَامِ الْحِلِّ حَرَامٌ وَيُقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ حَرَامٌ وَقَالَ فِي الطَّلَاقِ ثَلَاثًا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا قَالَ لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنِي بِهَذَا فَإِنْ طَلَّقْتَهَا ثَلَاثًا حَرُمَتْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ .

= صحيح البخاري – (ج 16 / ص 315) بَاب الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ وَالْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وَتَلَا الشَّعْبِيُّ
{ لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَبِكَ جُنُونٌ وَقَالَ عَلِيٌّ بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ وَقَالَ عُثْمَانُ لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ وَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا بَدَا بِالطَّلَاقِ فَلَهُ شَرْطُهُ وَقَالَ نَافِعٌ طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قَالَ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا يُسْأَلُ عَمَّا قَالَ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلْكَ الْيَمِينِ فَإِنْ سَمَّى أَجَلًا أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ جُعِلَ ذَلِكَ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِنْ قَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيكِ نِيَّتُهُ وَطَلَاقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانهِمْ وَقَالَ قَتَادَةُ إِذَا قَالَ إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً فَإِنْ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَقَالَ الْحَسَنُ إِذَا قَالَ الْحَقِي بِأَهْلِكِ نِيَّتُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الطَّلَاقُ عَنْ وَطَرٍ وَالْعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنْ قَالَ مَا أَنْتِ بِامْرَأَتِي نِيَّتُهُ وَإِنْ نَوَى طَلَاقًا فَهُوَ مَا نَوَى وَقَالَ عَلِيٌّ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَقَالَ عَلِيٌّ وَكُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ .

= صحيح البخاري – (ج 16 / ص 319) بَاب الْخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلَاقُ فِيهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
{ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ الظَّالِمُونَ } وَأَجَازَ عُمَرُ الْخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا وَقَالَ طَاوُسٌ { إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ } فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ لَا يَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ لَا أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ . 

 

 

 

 

 

 

 

الطلاق في حياة صحابة رسول الله الأعظم

موطأ مالك – (ج 4 / ص 102)
عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِنْتَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيِّ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى كَبِرَتْ فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَاةً شَابَّةً فَآثَرَ الشَّابَّةَ عَلَيْهَا فَنَاشَدَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ أَمْهَلَهَا حَتَّى إِذَا كَادَتْ تَحِلُّ رَاجَعَهَا ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ فَنَاشَدَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ عَادَ فَآثَرَ الشَّابَّةَ فَنَاشَدَتْهُ الطَّلَاقَ فَقَالَ مَا شِئْتِ إِنَّمَا بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَإِنْ شِئْتِ اسْتَقْرَرْتِ عَلَى مَا تَرَيْنَ مِنْ الْأُثْرَةِ وَإِنْ شِئْتِ فَارَقْتُكِ قَالَتْ بَلْ أَسْتَقِرُّ عَلَى الْأُثْرَةِ فَأَمْسَكَهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرَ رَافِعٌ عَلَيْهِ إِثْمًا حِينَ قَرَّتْ عِنْدَهُ عَلَى الْأُثْرَةِ

موطأ مالك – (ج 4 / ص 142)
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَوْلَاةً لِبَنِي عَدِيٍّ يُقَالُ لَهَا زَبْرَاءُ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ وَهِيَ أَمَةٌ يَوْمَئِذٍ فَعَتَقَتْ قَالَتْ فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَتْنِي فَقَالَتْ إِنِّي مُخْبِرَتُكِ خَبَرًا وَلَا أُحِبُّ أَنْ تَصْنَعِي شَيْئًا إِنَّ أَمْرَكِ بِيَدِكِ مَا لَمْ يَمْسَسْكِ زَوْجُكِ فَإِنْ مَسَّكِ فَلَيْسَ لَكِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ قَالَتْ فَقُلْتُ هُوَ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ ثُمَّ الطَّلَاقُ فَفَارَقَتْهُ ثَلَاثًا

أبرز أسباب الطلاق 

كثيرة هي الأسباب والعوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية التي تؤدي إلى تفكك الأسرة ، صغيرة العدد كانت أو كبيرة العدد ، جديدة أو قديمة ، وتتعدد الأسباب والعوامل التي تتسب في إنتهاء الشراكة الزوجية أو الطلاق أو إنفصال الزوج عن زوجته ، سواء بطلبه أو بطلبها ، لظروف ذاتية أو موضوعية ، أو طوعية أو قاهرة . ولعل أبرز هذه الأسباب تتمثل بالآتي :

1) سوء الإختيار الأولي للزواج ، سواء من قبل الشاب أو الفتاة . ويتمثل بالتسرع في إنتقاء شريك أو شريكة الحياة ، فقرار الزواج ليس بالقرار البسيط . وقد يكون الزواج بسبب الضغط العائلي أو الفقر أو السفر أو رغبة الأهل في التخلص من الفتاة أو الشاب ، والرغبة في تكوين اسرة جديدة لإستقدام الأبناء أو الأحفاد وتكاثر الأسرة أو العائلة أو العشيرة .

2) الفارق في العمر بين الشاب والفتاة . وفي هذه الحالة التي تتمثل في صغر سن الزوجة بعشر سنوات أو أكثر أو اقل ، فنتنج صعوبة التفاهم والتشارك في الحياة الزوجية الصحيحة بصورة فعلية وعملية .

3) التباين في المستوى التعليمي بين الخطيب أو الخطيبة ، أو الزوج والزوجة ، فتبرز الفروقات التعليمية في التفكير وتقدير الأمور ، فمثلا قد يكون الخطيب من حملة الشهادة الجامعية الأولى ( البكالوريوس ) أو الشهادة الجامعية الثانية ( الماجستير ) ، بينما تكون الفتاة من حملة التوجيهي الناحج أو الراسب أو أقل تعليما كأن تكون قد أنهت الفتاة المرحلة الأساسية أو الثانوية بتكملة أو بلا نجاح في الحياة التعليمية .

4) الاختلاف في المستوى الاقتصادي : يتمثل ذلك في عدم التوازن في الحياة المعيشية أو المالية بين أسرة الشاب أو أسرة الفتاة . وهذا الأمر يتمثل في رغبة الزوجة في تقليد الآخرين والعيش في مستويات إقتصادية تتميز بالترفيه العالي كشراء السيارة أو السياحة الخارجية واستمرار الطلبات الكمالية المتواصلة ، وعدم مقدرة الزوج على توفيرها جزئيا أو كليا ، وهذا مسبب رئيسي من اسباب النزاع والفراق بين الخطيبين قبل الدخول والعرس أو بين الزوجين بعد إتمام حفلة الزواج التقليدية . ولهذا ينصح بأن يخطب أو يتزوج كلا من الشاب أو الفتاة من المستوى الاقتصادي المتقارب اقتصاديا نوعا معا ، والتفاهم في المرحلة الأولى من الخطوبة أو الزواج ، وعدم البحث عن التباين الاقتصادي لأن هذه مشكلة مستقبلية ربما تجعل الحياة الزوجية صعبة إن لم تكن مستحيلة في بعض الأحيان .

5) تعددية الزوجات لدى الزوج : فقد يرغب الرجل في التزوج من أكثر من فتاة ، وهذا مباح إسلاميا ، ولكن الزوجة الأولى لا تقبل بالتعددية أو الشراكة الإنثوية الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية فتطلب الزوجة الأولى الانفصال أو الفراق والطلاق لإستحالة العدالة الاجتماعية والزوجية لدى الزوج في كثير من الأحيان . يقول الله العلي العظيم سبحانه وتعالى : { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)}( القرآن المبين ، النساء ) . والعدالة الانسانية نسبية رغم عدم توفرها وليست مثالية في كثير من الأحيان . 

6) الأوضاع الصحية المرضية غير الطبيعية : فمرض الزوجة أو الزوج وعدم التمكن من تلبية الرغبات الزوجية لأي منهما ، أو البرود الجنسي أو العجز الجنسي ، أو التأخر في الإنجاب  أو العقم لدى أحد الزوجين ، قد يسبب ذلك الطلاق والانفصال وإنهاء الشراكة الزوجية بصورة طبيعية أو طارئة مع ما يلازم ذلك من نزاعات نفسية ومالية .

7) الإنحلال الأخلاقي للزوج أو الزوجة أو كليهما . وتتعدد هذه الحالات منها : الخيانة الزوجية أو عادة شرب الخمر أو لعب القمار والميسر لدى الزوج والسهر حتى ساعات متأخرة من الليل في لعب ورق الشدة في المقاهي والنوادي وغيرها ، أو طلب الخطيب من خطيبته أو الزوج لبس الحجاب الإسلامي الساتر ، وتصلب راي الزوجة ومعارضتها وعدم رغبتها في إرتداء الزي الإسلامي ، وترغب في البقاء شبه كاسية أو عارية وشعرها منفوش يتدلى على كتفيها ، وهذا لا يعجب الخطيب أو الزوج أو أسرته فتأتي النتيجة الأخيرة برسوب المرأة في الحياة الإسلامية والزوجية  والحل الأخير هو الطلاق والفراق .

8) التدخل العائلي الخارجي في الأسرة : تتباين هذه الحالات من التدخل السلبي في الأسرة المعنية ، والتحريض المعاكس والمضاد ، مثل تدخل الأمهات أو الآباء أو الإخوة أو الأخوات في حياة إبنهم او ابنتهم ، أو حتى تدخل بعض الأصدقاء للرجل أو تدخل بعض القريبات أو الصديقات لدى الخطيبة أو الزوجة بصورة سلبية ، مع ما يصاحب ذلك من مشكلات أسرية متفاقمة تؤدي إلى نتيجة سلبية تلقي بظلالها الكئيبة على الأسرة ويدفع بالطلاق ثمنها الأسري غاليا : الزوج والزوجة والأبناء والبنات .

10) إختلاف العادات والتقاليد الاجتماعية بين شريكي الحياة : وهذه المعضلة متكررة كثيرا داخل الأسرة الواحدة ، مما يسهل التفكك الأسري والتباعد الزوجي ، وإنقلاب الحياة الزوجية إلى حياة سيئة غير قويمة . ومن أمثلة المشاكل الاجتماعية : الكراهية والغيرة والحسد والنميمة والفساد والإفساد والإسقاط وخلافها .

11) الإختلاف العقائدي أو الديني : قد تظهر في الأسرة حالة التدين الإسلامي المتشدد لدى الزوج أو الزوجة ، فلا يرغب الطرف الآخر منهما بذلك فيبادر لرفض الحياة الإسلامية ، فتاتي عملية الهروب من هذه الحالة باللجوء إلى الطلاق المدمر عند تفاقم الأمور وإستحالة الصلح والإصلاح . وهناك مسالة أخرى ، كأن يختار الشاب شريكة الحياة أو تنتقي الفاة شريك الحياة ، من ديانة أخرى او من دولة ، وهنا تظهر عملية تباين الجنسيات والدين والعقائد ، مما يؤثر سلبا على الحياة الأسرية ، وغالبية هذه الحالات إنتهت بالإنفصال وتركت الأسرة في مهب الرياح ، بمعنى اصبح الزواج فاشلا فشلا ذريعا .

12) الغياب الطوعي أو القسرى عن الأسرة : مثل السفر الطويل للعمل أو سجن الزوج أو الزوجة لأسباب إجتماعية أو سياسية أو إقتصادية . وكثيرة هي الحالات من هذا النوع ، مما يصعب إستمرار حياة الخطوبة أو الحياة الزوجية . وفي فلسطين هناك آلاف الحالات في السجن للزوج أو الزوجة ، ولكن في معظمها بقيت الحياة الأسرية مستمرة وكان الصبر سيد الموقف لفترة متباعدة تمتد ما بين 10 سنوات أو 20 سنة أو أكثر أو اقل . وهي حالات إخلاص زوجية تستحق الاحترام والتقدير الأسري والعائلي والمجتمعي .

13) الإسراف والتبذير أو الشح والبخل المالي : وهما سببان رئيسيان من اسباب الإنفاك الأسري ، إذ يسبب عدم التوافق بين الزوجين ، إلى تخلص الواحد منهما من الآخر بعد حين من الدهر أو قبل الزواج . وبطيعية الحال ، فإن الإسراف والتبذير وطلب الزوجة الكماليات المتواصلة بلا توقف ، بلا تقدير أو قدرة مالية للزوج يجعل الزوج يلجأ إما لهجرة الزوجة أو طلاقها مهما كانت النتائج المصاحبة أو الملاحقة لهذا القرار الخاطئ . وكذلك يسبب الشح والبخل من الزوج غلى هروب الزوجة من زوجها ، كليا أو جزئيا لفترة من الفترات .

14 ) إختيار الفتاة للزواج بسبب المال : فعند إتمام مراسيم الزواج وعدم رغبة المرأة المتزوجة العاملة في المساهمة في الإنفاق على الأسرة ، فتبرز الخلافات المالية بين الزوجين قد تنتهي بالفراق والطلاق .

حقوق المرأة في حالة الطلاق

لقد حدد الله الرشيد الصبور سورة قرآنية خاصة تحمل اسم “الطلاق” ، تم التطرق فيها لمسائل الطلاق التفصيلية بين الرجال والنساء ، لأهمية هذا الأمر في تنظيم الشراكة الزوجية ذات الميثاق الغليظ ، وسورة الطلاق تحمل الرقم 65 من بين سور القرآن العظيم أل 114 سورة وآياتها 12 آية بعدد أشهر السنة الإسلامية . وعلى اي حال ، هناك حقوقا محفوظة للمرأة المطلقة بينتها الآيات القرآنية المجيدة في بعض سور القرآن العظيم ، لتجنيب الأسر المفككة النزاعات المستفحلة وتمكين الخلاص الزوجي ورعاية الأطفال ، في حالة النزاع بين الزوجين كشريكي حياة ، كما يلي :
1. إنتظار الزوجة المطلقة ثلاثة أشهر ( ثلاثة قروء ) بعد الإنفصال لمعرفة حمل المرأة من عدمه وتنظيف الرحم الأنثوي من آثار الزوج الجنسية ، وما يلحق ذلك من ملحقات مالية وأبوية شاملة .
2. كفالة حق الزوجة في الرجوع لبيت الزوجية بعد الإصلاح الاجتماعي ( حكما من أهله وحكما من أهلها ) .
3. لهن مثل الذي عليهم بالمعروف .
4. الإمساك الزوجي بمعروف أو التسريح بإحسان .
5. عدم إسترجاع الزوج بعد الطلاق ما منحه لزوجته قبل الانفصال من مال وعقار وسواه .
6. كفالة الاخيتار والتوافق المستجد أو المراجعة الزوجية بعد الطلاق الكامل بعد نكاح زوج آخر بعقد شرعي ثم طلاقها من الرجل الثاني .
يقول الله العلي العظيم عز وجل في تفصيل إلهي تام وشامل في الكتاب العزيز : { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ َ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232) وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) }( القرآن المبين ، البقرة ) .

128109253531[1]
القرآن الكريم

ويقول الله الخلاق العليم تبارك وتعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) }( القرآن المجيد ، الطلاق ) .
7) التمتع والتسريح الجميل : يقول الله الحليم الودود جل جلاله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)}( القرآن المبين ، الأحزاب ) .
8) حق الزواج مرة أخرى بعد الطلاق : يقول الله العزيز العليم تبارك وتعالى : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (242)}( القرآن الحكيم ، البقرة ) .

الطَّلَاقُ لِلرِّجَالِ وَالْعِدَّةُ لِلنِّسَاءِ

الطلاق في الأساس والأصل الاجتماعي والديني الإسلامي هو للرجال ، ولكن هناك حالات متاحة للنساء وهي حالة الخلع ( خلع الزوج ) من الحياة الزوجية الأسرية في حالات معينة مباحة شرعا . تتمثل هذه الحالة في ظل عدم التماسك الأسري ، وإستحالة الحياة الزوجية الطيبة القائمة على المحبة والمودة ، وظهور أو إستفحال اللامبالاة من الزوج تجاه اسرته عامة وزوجته كشريكة حياة خاصة . وفي حالة حدوث حالة الطلاق او الإنفصال أو الفراق الأسري الاجتماعي بين الزوج والزوجة فإنه يتوجب على المرأة أن تمكث في حالة العدة قبل ان تتزوج مرة أخرى ، حفاظا على الأنساب الاجتماعية الإسلامية وعدم تخالط هذه الأنساب ، وهذه العدة الشرعية الإسلامية الزمنية ( ومدتها 3 شهور ) ، وهي منصوص عليها في القرآن المجيد وفي السنة النبوية المظهرة .

يقول الله الرحمن الرحيم تبارك وتعالى في محكم التنزيل :

= { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230) }( القرآن المجيد – سورة البقرة ) .

= { وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)}( القرآن المجيد – سورة الطلاق ) .

= { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)}( القرآن المجيد – سورة النساء ) .

 

مساوئ وأضرار الطلاق

الطلاق أو الفراق أو الإنفصال بين شريكي الحياة ، الخطيب أو الخطيبة قبل الدخول الرسمي التقليدي ، أو بين الزوج والزوجة ، سواء أكانت فترة حياة الخطوبة قصيرة أو متوسطة المدى ، أو كانت الحياة الأسرية الزوجية قصيرة أو متوسطة أو طويلة زمنيا ، هو أمر سيء جدا ومدمر للجهتين ، وتحت مختلف الأسماء والمسميات والدواعي والأسباب والعوامل . ومن نافلة القول ، إن الطلاق أو الإنفصال أو الفراق بين الخطيبين قبل الدخول أو الزواج وإنجاب الأطفال هو أقل ضررا وسوءا ، من الفراق والطلاق والإنفصال بعد إنجاب الأطفال .

وفيما يلي أهم مساوئ وأضرار الطلاق بين شريكي الحياة الزوجية :

1) المعاناة والتعب النفسي لدى طرفي العلاقة الزوجية والانتقال لحياة مرة كئيبة وإن تظاهر الزوجان بغير ذلك . وتعيش المرأة حالة من الصداع النفسي والقلق والتوتر على نفسها وعلى أطفالها ، والحال ذاته ينطبق على الزوج .

2) الأضرار الإجتماعية التي تلحق بالزوجة هي أضعاف الأضرار التي تلحق بالزوج ، وخاصة في المجتمع المحافظ ، كالمجتمع العربي أو الفلسطيني ، فالزوج المنفصل من السهل عليه ، أن يتزوج ، وعلى عكس ذلك بالنسبة للمرأة المنفصلة أو المطلقة ، حيث تضطر للمكوث في بيت أهلها أو في شقة أو بيت لوحدها سنوات وسنوات بلا زوج فتشعر بالغربة الاجتماعية ، ومع تشديد الخناق بالدخول والخروج من البيت ، من قبل العائلة من الآباء والأمهات والإخوة على المطلقة أو المنفصلة تصبح حياة المرأة المنفصلة عن زوجها وأسرتها بعد سنوات ، أشبه بحياة الجحيم ولو بعد حين . ويزاد الأمر سوءا عندما تكون المرأة المطلقة بلا أب أو أم فتنتقل إلى بيت أحد إخوتها مع ما يلازم ذلك من هيمنة زوجة أخيها أو ابيها على شؤونها . وكذلك هناك معاناة نفسية واجتماعية حتمية لا بد من مواجهتها ، من بعض الغربان الشباب أو الرجال من ذي النفوس المريضة نفسيا الذي يحومون عاطفيا حولها ويحاولون إستغلال ضعفها الذي يتصورونه وحتى وإن كان نظريا غير موجود أو مؤثر على نفسيها . وللإنصاف لا بد من القول ، إن المرأة المنفصلة هي إمرأة عادية لها خصوصياتها ويجب إحترامها كأي إمرأة في العائلة أو المجتمع ولا بد من الوقوف معها ليس من عائلتها فقط وإنما من الجميع ومن القطاع النسوي على وجه الخصوص لتمكين هذه المرأة من ممارسة حياتها على أكمل وجه دون إنتقاص من حقوقها .

3) المعاناة الاقتصادية للمطلقة او المنفصلة : وهي مشكلة جوهرية ، فبعد الانتقال من بيت الزوجية ، تبرز مشكلة الحياة المعيشية الجديدة وتوفير المستلزمات والاحتياجات البشرية للمرأة وحدها أو لأطفالها الذين اصطحبتهم معها لبيت أهلها أو لشقتها المستقلة الجديدة . وفي كثير من الأحيان تعاني المرأة المطلقة وأولادها الصغار من صعوبة توفير القوت اليومي والمستلزمات الغذائية والصحية والتعليمية وتوفير الملابس ، بسبب قلة قيمة المهر المؤجل الذي تستحقه ، ومماطلة الزوج السابق في تخصيص الأموال الشهرية اللازمة لهم ، ورغم أن المحاكم الشرعية تفرض مخصصات مالية قليلة القيمة للأطفال الذين يرافقون أمهم المنفصلة والتاركة لزوجها لأي سبب كان وهي معاناة واقعية تبقى مؤثرة كليا على نفسية المرأة والأولاد طيلة حياتهم .  ترى من سينفق عليها طيلة حياتها إن بقيت بلا زواج بلا أطفال يرافقونها من زواجها الفاشل ؟؟! أو من سينفق عليها ويعيلها لسنوات مجهولة العدد ريثما تتزوج مرة أخرى . هذه معاناة حقيقية لا مناص من صدماتها المستقبلية . وإن حاولت المرأة المنفصلة إيجاد مصدر دخل ذاتي ، كوظيفة حكومية أو في القطاع الخاص ، فهو غالبا ما يكون يسيرا ولا يكفي لحياتها الإنفصالية أو المنفصلة ، غير المخططة مسبقا ولهذا تبقى نفسيتها محطمة أو شبه محطمة حسب الأجواء الاجتماعية من حولها .

4) حضانة الأطفال الصغار ومعاناة الزوج والزوجة المنفصلين عن بعضهما : فتبعية ورعاية الأطفال للأب أو الأم ، فالولاية أو الكفالة أو الحضانة الشرعية للأطفال ، هي  مشكلة جديدة تسبب القلق والأرق والغثيان والأمراض المزمنة والغضب والعصبية المفرطة ، وعدم الإستقرار النفسي للزوج المطلق والزوجة المطلقة على السواء . ولا شك هي حياة بائسة لدى الأطراف الثلاثة : الزوج المطلق والزوجة المطلقة والأبناء والبنات ولكن على درجات متفاوتة لكل طرف من الأطراف الثلاثة . فهناك الكثير من القضايا المرفوعة لدى المحاكم الشرعية الإسلامية أو النصرانية أو غيرها ، بشأن الفصل بين طرفي الأسرة المفككة وتبعية الأطفال وتعليمهم ورعاية شؤونهم الحياتية والصحية وغيرها .

5) الأضرار الصحية لدى الأسرة المفككة : قد تغزو الأمراض الطارئة أو المزمنة النفسية والعضوية أو كليهما ، وتدخل لأجساد المنفصلين ، من ناحية علمية وفسيولوجية واجتماعية واقتصادية ، وقد تؤدي هذه الحالات إلى الجلطات الدماغية والسكتات القلبية والإنهيار العصبي لفترة قصيرة أو طويلة لا تحمد عقباها .

محاسن الطلاق .. حالة الضرورة القصوى وإستحالة الحياة الزوجية

برأينا ، لا توجد أي حسنة فعلية حقيقية ، من محاسن الطلاق للفرد والجماعة والأسرة والمجتمع العربي أو الإسلامي ، لأن الطلاق أو الإنفصال أو الفراق الاجتماعي يدمر الأسرة تدميرا جزئيا او كليا حسب أطراف العلاقة ، وحسب المجتمع المحيط . وإن وجدت بعض الحسنات القليلة غير المرئية ، فهي محدودة التاثير النفسي والاجتماعي . ولكن بعض الضرورات النفسية أو الاجتماعية او الصحية ، تبدو الحاجة الماسة لها باللجوء إلى الطلاق المؤقت أو النهائي ، في ظل المعاناة اليومية للمرأة ، وسادية الرجل ، وإهمال الزوجة أو العكس بالعكس ، من سادية وتسلط المرأة وإهمال الزوج .

وبهذا لا يحبذ الطلاق أو الإنفصال أو الفراق الاجتماعي في المجتمع المسلم ، إلا في حالة الضرورة القصوى القاهرة وإستحالة الحياة الزوجية ، وذلك لأن مؤسسة الزواج الإسلامية ( الأسرة ) هي اللبنة الأولى في المجتمع ، فإذا كان مستقرة آمنة وآمنية وراضية ومرضية فإن المجتمع المسلم يكون قوي صلب العود وراسخ البنيان الاجتماعي والاقتصادي والفكري الشامل والمتكامل .

من الأقل ضررا على الأسرة .. الطلاق أم الهجران الداخلي  ؟؟!

ويمكننا القول ، إن الطلاق هو عبارة عن كارثة من الكوارث الاجتماعية ، ومأساة كبيرة من المآسي المجتمعية فرديا وعائليا وشعبيا ، ونوع من الإنتحار الجزئي او المؤقت أو الشامل للأسرة أو للرجل أو للمرأة فرديا أو كليا لكيهما ، فالأسرة المنحلة أو المفككة تعاني الأمرين لحظة بلحظة وساعة بساعة ويوما بيوم واسبوعبا بإسبوع وشهرا بشهر وسنة بسنة ، وإن ظهرت تباعا أو لاحقا . وبناء عليه ، لا بد من التفكير مليا قبل الإقدام على الطلاق أو الإنفصال أو الفراق الأسري الكلي ، لأنه يهدم اللبنة والركيزة الأساسية في المجتمع الإنساني . ويمكن الاستعاضة عن الطلاق ، بالهجران أو التباعد الاجتماعي بين الزوج والزوجة مؤقتا أو لفترة متوسطة أو طويلة ، كحالة أقل خطرا وضررا وسوءا من الطلاق أو الإنفصال الكلي على الزوجين وأطفالهما .

أمثلة حية على حالات الطلاق

نورد بعض الأمثلة الحية على حالات الطلاق في البلدان العربية والإسلامية ، وكان يمكن تلافيها وتجنبها وعدم اللجوء لها ، وذلك كما يلي :

  1. الطلاق بعد الخطبة الهشة مباشرة ، بأيام أو باسابيع أو بضعة شهور قبل الدخول . فكم من حالة طلاق حدثت فعليا ، قبل او بعد دفع المهر للفتاة المخطوبة أو حتى في مجلس العقد لخلافات مالية أو سكنية أو عائلية . وهو أهون حالات الطلاق . وكان يمكن تلافيه كليا .

  2. الطلاق بعد الزواج قبل إنجاب الأطفال . لأسباب شتى . فحيدث الفشل الأسري وبتفرق الزوج عن الزوجة ، بعد شهور معدودة ، وكان يمكن تجنبه ، لأن أسباب الطلاق كانت تافهة جدا لا تستحق التضخيم .

  3.  الطلاق بعد التكاثر وإنجاب الكثير من الأولاد والبنات . لأسباب متباينة . ونتج هذا الطلاق بعد خمس سنوات أو عشر سنوات أو اكثر من ثلاثين سنة !!! وكان السبب في الإنفصال سفيا لا داعي له نتج في حالة غضب طارئة أو نزواه شهوانية طارئة متسرعة غير منضبطة للزوج ، وكان يمكن عدم اللجوء للطلاق بالتحلي بالصبر والحكمة والموعظة الحسنة لدى طرفي العلاقة الزوجية .

نصائح لبناء الأسرة المسلمة الآمنة المطمئنة المستقرة

لتلافي الطلاق وتفكك الأسرة وفشل الشراكة الزوجية

هناك الكثير من النصائح التي نتقدمها في سبيل توفير مقومات الأسرة المسلمة الناجحة ، لتكون صلبة البينان ، متكاملة الأركان ، صالحة لإستقرار المجتمع الإنساني المسلم البعيد عن الإنحلال والتفكك ، وديمومة المودة والرحمة . وفيما يلي أهمها :

أولا : حسن إنتقاء الشاب المؤمن أو الفتاة المؤمنة للزواج : الأساس الأصلي لإنتقاء الفتاة للزواج هو التقوى والإيمان المتوفر في الفتاة . والإيمان لا يقتصر فقط في الفتاة الجامعية التي تدرس في كلية الشريعة في الجامعية وينبغي أن تستأذن الفتاة العزباء للزواج . يقول الله تعالى : { وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}( القرآن المجيد – سورة البقرة ) . وورد في صحيح البخاري – (ج 16 / ص 33) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :” تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ :” لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ” . وهي وصية نبوية للشاب المسلم المقبل على الزواج بتفضيل الفتاة المتدينة ، بمعنى سلمت يداك وكانت عملية اختيار الفتاة المؤمنة أفضل الخيارات وأمثلها للحياة الأسرية المستقبلية الجديدة . وجاء في سنن الترمذي – (ج 4 / ص 260) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ” .  وهذه وصية إسلامية نبوية موجهة للفتاة وأهلها بالموافقة والتوافق الإيجابي ، عند تقدم الشاب المؤمن التقي لخطبة الفتاة المؤمنة للزواج الإسلامي . والزواج يكون بتلبية الطلب والإيجاب والقبول ، ولا يجوز فرض الشاب على الفتاة أو إجبار الفتاة على الموافقة على الزواج من الشاب المتقدم لخطبتها ، لإتمام صك الزواج بل يجب التوافق الايجابي والتراضي التام لا بالإكراه ولا بالإلزام القمعي ، الرضاء والتراضي أمر هام لما فيه من مصلحة خاصة وعامة للخاطبين وشريكي الحياة مستقبلا . 

ثانيا : تفضيل التقارب في السن بين الزوجين : ليكون الزوجين من الكواعب أترابا ، فلا ينكح الشاب فتاة أكبر منه أو أصغر كثيرا ، لأن نسبة الطلاق وعدم التوافق والإنسجام الوجداني والاجتماعي ، في هذه الحالة ستكون كبيرة جدا والهوة العمرية واسعة جدا . إلا في حالات خاصة يمكن أن تكون ناجح وبإمتياز ملحوظ .

ثالثا : حسن العشرة والمعاملة الطيبة : التحلي بالأخلاق الإسلامية الحميدة ( الزوج والزوجة ) : كالأناة والحلم والصبر والإيثار والتكاملية وعدم الغضب وكظم الغيظ والأصرار على نجاح مسيرة الأسرة في حالتي اليسر والعسر ايضا .

رابعا : الإبتعاد عن الزواج الأجنبي : تجنب زواج الرجل المسلم من الكتابية او الأجنبية والإمتناع عن تزويج الفتاة المسلمة لغير المسلم : في العصر الحاضر ، كثرت الزيجات بين الشباب المسلم والنساء الأجنبيات بدعوى عدم وجود المهر للفتاة الأجنبية ، وهذا صحيح للوهلة الأولى ، ولكن سيتبعه طعنات في الظهر وتفكيك للأسرة لاحقا في معظم الحالات ، والشواهد كثيرة في هذا المجال لا مجال لحصر أمثلتها الكثيرة المتدفقة يوما بعد يوم . فهناك من تزوج روسية ولم تطاوعه للعوده لوطنه العربي ، فتركها وترك ابناؤه معها ، وهناك من تزوج ألمانية وطلقها وبقي أطفالهم معها ، وهناك من تزوج أمريكية وافترقا وبقي الأولاد والبنات لدى أمهم !!! وفي فلسطين هناك من تزوج يهودية ، وافترقا وحضرت قوات الاحتلال اليهودي لبيت الزوج لمصادرة أطفالهما ، فاصبح ابناؤه من اليهود لأن القانون العبري يقضي بتبعية الطفل ( ذكرا أو أنثى ) لأمه .. فهل بعد هذا ذنب ؟؟! .. ايها الشباب لا تتزوجوا الفتيات الأجنبيات إلا في حالات محدودة ومحصورة وهي الإسلام الذي يجمع بينكما . وبالإضافة لذلك هناك من زوج ابنته المسلمة للأجنبي غير المسلم ، وهذا محرم شرعا بالإسلام العظيم . وللتمويه والتضليل نطق الأوروبي أو الأجنبي في السفارة العربية أو الإسلامية أو أمام الماذون الشرعي في فلسطين أو غيرها من البلدان العربية أو الإسلامية ، بالشهادين ( اشهد أن لا إله إلا الله – واشهد أن محمدا رسول )  ، بلا إيمان حقيقي بل فقط لتمرير صك أو وثيقة الزواج ( عقد القران ) حسب التعاليم الإسلامية .

الكلمة الأخيرة .. مواصفات الأسرة الناجحة 

يقول الله الحي القيوم ذو الجلال والإكرام ، الحنان المنان جل شأنه : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}( القرآن المجيد – سورة الأحزاب ) .

على العموم ، إن الله يختار الأحسن والأمثل لعباده المؤمنين والمؤمنات ، في مساواة وعدالة ربانية فريدة من نوعها ، وربما يكره المرء شيئا ويكون فيه خيرا كثيرا . والكثير من المطلقين أو المطلقات فرحوا أو فرحن بعد إنتهاء العلاقات أو الشراكة الزوحية الشرعية بينهما ، بل أن بعضهم وزع الحلوى بعد الطلاق والفراق ، وعوضهما ربهما خيرا ، والبعض الآخر من الرجال أو النساء ندموا اشد الندم بعد ترك الميثاق الغليظ بالإنسحاب بهدوء أو بضجيج المحاكم والمحكمين . وتاهوا في ثنايا القضايا الشرعية القانونية في المحاكم الشرعية . ومن مقومات الإسر الناجحة هي الأسر الصابرة والمصابرة والمرابطة ، التي تصبر على السراء والضراء لأن بعد العسر يسرا .

أخي المسلم .. اختي المسلمة .. رددوا معنا : رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا وَرَسُولًا وَبِالْقُرْآَنِ إِمَامًا .. رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا .. 

والعاقبة للمتقين . سلام قولا من رب رحيم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تحريرا في يوم الأحد 5 ذي الحجة 1441 هـ / 26 تموز 2020 م .

أضف تعليق