بروكسل : بالقمة الأوروبية – خلافات بين زعماء الإتحاد الأوروبي حول خطة الإنعاش الاقتصادي لمرحلة ما بعد وباء فيروس كورونا


بروكسل – وكالات – شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) 

أفاد دبلوماسي فرنسي بأن الرئيس إيمانويل ماكرون “ضرب بيَده على الطاولة” أمس الأحد  19 تموز 2020 في القمة الأوروبية للتوصل إلى اتفاق على خطة إنعاش اقتصادية موحدة، وذلك احتجاجا على تعنت بعض نظرائه.

وهاجم ماكرون البلدان التي يطلَق عليها اسم “مقتصدة” (هولندا، السويد، الدنمارك والنمسا) إضافة إلى فنلندا، وهي دول تتبنى مقاربة متحفظة للغاية إزاء خطة الإنعاش الاقتصادي لمرحلة ما بعد وباء فيروس كورونا.

وقال مستشار في الوفد الفرنسي إن ماكرون “كان قاسيا إزاء تناقضاتهم”، في موقف سردت تفاصيله وفود أخرى لعدد من وسائل الإعلام.

لكن المستشار أعرب عن أسفه لأن ما قام به ماكرون “تم سرده بطريقة كاريكاتورية إلى حد ما” على لسان تلك الوفود.

وانتقد الرئيس الفرنسي خصوصا معارضة هذه الدول لمطلبه تخصيص جزء كبير من أموال خطة الإنعاش، التي ستمول بقرض مشترك من الاتحاد الأوروبي، لتقديم إعانات للدول الأعضاء.

كما انتقد ماكرون سلوك المستشار النمساوي سيباستيان كورتز الذي نهض وغادر الطاولة لإجراء مكالمة هاتفية.

وبحسب مصدر أوروبي، فإن المستشار النمساوي شعر “بالإهانة” من ملاحظة ماكرون.

وقارن الرئيس الفرنسي أيضا بين موقف رئيس الوزراء الهولندي مارك روته الذي يتزعم المعسكر المعارض لخطة الإنعاش، بموقف رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون خلال مفاوضات سابقة.

ووفقا لما سربته وفود أخرى، فإن الرئيس الفرنسي فقَدَ أعصابه مرارا خلال توجيهه هذه الانتقادات.

وبحسب مصدر دبلوماسي، فإن ماكرون “ضرب بقبضته على الطاولة”.

وقال مصدر أوروبي إن ماكرون أكد خلال القمة أن فرنسا وألمانيا هما اللّتان “ستمولان هذه الخطة” و”أنهما تقاتلان من أجل مصلحة أوروبا في حين أن الدول المقتصدة غارقة في الأنانية ولا تقدم أي تنازلات”.

وأضاف المصدر أن الأمر بلغ بالرئيس الفرنسي حد “قوله إنه يفضل المغادرة على أن يعقد اتفاقا سيئا”.

وكان قادة الاتحاد الأوروبي كثفوا الأحد، ثالث أيام القمة التي كان يفترض أن تستمر يومين فقط، محادثاتهم في بروكسل على أمل تجاوز الخلاف الذي يتركز حول خطة الإنعاش البالغة قيمتها 750 مليون يورو يمولها قرض مشترك، وهي فكرة مستوحاة من اقتراح تقدم به ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.

وتتألف هذه الخطة في صيغتها الأولى من قروض بقيمة 250 مليون يورو وإعانات بقيمة 500 مليار. وتستند الخطة إلى موازنة طويلة الأمد (2021-2027) للاتحاد الأوروبي بقيمة 1074 مليار يورو.

ومن الخيارات المطروحة، زيادة حصّة القروض إلى 300 مليار (مقابل 250 في الاقتراح الأولي) لكن من دون خفض حصة المنح التي ترمي لدعم خطط الإنعاش في دول معينة.

وتتمسك فرنسا وألمانيا بموقفهما في عدم خفض حصة المنح إلى ما دون 400 مليار يورو، في موقف ترفضه الدول المقتصدة.

وكان زعماء الاتحاد الأوروبي اضطروا لتمديد قمتهم يوما آخر بعد أن أخفقوا أمس الأول السبت في الاتفاق على صندوق تحفيز ضخم لإنعاش اقتصاداتهم التي تضررت من فيروس كورونا.

ومع عودة زعماء الاتحاد السبعة والعشرين إلى الفنادق التي ينزلون بها عقب محادثات غير حاسمة عقدت في ساعة متأخرة على العشاء ظلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل لإجراء مناقشات مع المعسكر الذي يتزعمه الهولنديون للدول التي تطالب بتخفيضات في الحزمة التي يبلغ حجمها 1,8 تريليون يورو.

وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إن “المفاوضات كانت ساخنة”. وإيطاليا إحدى أكثر دول الاتحاد الأوروبي تضررا من أزمة كورونا وتسعى للحصول على مساعدات سخية من التكتل.

واعتبر كونتي أن أوروبا تتعرض لابتزاز ممن وصفهم بالمقتصدين، وأضاف: “علينا بذل كل ما في وسعنا للتوصل لاتفاق غدا. أي تأخير آخر ليس في صالح أحد”.

ومن المقرر أن يسلم شارل ميشيل رئيس القمة المقترحات الجديدة قبل استئناف الزعماء اجتماعاتهم عند الظهر اليوم الأحد.

ومع مواجهة أوروبا أعنف صدمة اقتصادية لها منذ الحرب العالمية الثانية بسبب جائحة كورونا نشبت في البداية خلافات بين الزعماء يوم الجمعة بشأن صندوق انعاش مقترح قيمته 750 مليار يورو (856 مليار دولار) وميزانية الاتحاد الأوروبي التي تزيد عن تريليون يورو للفترة من 2021 إلى 2027.

ولكن مجموعة من الدول الشمالية الثرية و”المقتصدة” ماليا وهي هولندا والنمسا والدنمرك والسويد عرقلت تحقيق تقدم في أول اجتماع يعقده زعماء دول الاتحاد الأوروبي وجها لوجه منذ تدابير العزل العام التي فرضت عبر القارة في الربيع.

وتفضل هذه الدول تقديم قروض قابلة للرد بدلا من إعطاء منح مجانية للاقتصادات المدينة التي تضررت بشدة من كورونا ومعظمها من الدول المطلة على البحر المتوسط وتريد فرض رقابة أكثر صرامة على كيفية انفاق هذه الأموال.

وتزايدت آمال التوصل لاتفاق السبت عندما اقترح ميشيل تعديلات على الحزمة بشكل عام تهدف إلى تهدئة مخاوف هولندا.

وتقضى خطته بتخفيض الجزء الخاص بالمنح في صندوق الانعاش من 500 مليار يورو إلى 450 مليار يورو وإضافة “كابح طوارئ” بشأن صرف هذه المنح.

ولكن الآمال بأن هذا سيكون كافيا تلاشت بسرعة بعد أن طلبت السويد خفض المنح إلى 155 مليار يورو حسبما قالت مصادر دبلوماسية. وأشار البعض إلى أن برنامج الانعاش سيفقد أهميته بهذا المبلغ المقلص جدا.

وقال كونتي إن ما تسعى إليه هولندا بحق استخدام الفيتو من الناحية الواقعية على طلبات الدول للحصول على مساعدات “غير ملائم من الناحيتين السياسية والقانونية وغير عملي إلى حد بعيد أيضا”.

وكان اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي يومي السبت والاحد 18 و 19 تموز 2020 ، في محاولة لإنقاذ خطة إنعاش اقتصادي ضخمة لمرحلة ما بعد أزمة كورونا، إثر اصطدام محادثاتهم بتصلب دول مؤيدة للتقشف تتزعمها هولندا والنمسا.

وتشهد أوروبا أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية، ويسعى قادة الاتحاد الـ27 في القمة التي افتتِحت الجمعة، للاتفاق على خطة إنعاش بقيمة 750 مليار يورو لمساعدة الدول الأكثر تضرراً من الجائحة.

لكن هذه الخطة تلقى معارضة شديدة من عدد من الدول الأكثر ثراء والأصغر حجما، تتقدّمها هولندا والنمسا اللتان تعارضان تقديم مبالغ مالية لدول مثل إسبانيا أو إيطاليا بسبب تراخيهما في ما يتعلق بالإنفاق العام.

وبعد أكثر من سبع ساعات من النقاشات التي اعتبرت مصادر عدة أنها “بناءة”، شهدت المحادثات توتّرا خلال عشاء بين القادة، وذلك بسبب موقف هولندا المتشدد في ما يتعلق بمراقبة الأموال التي قد يتم توزيعها على الدول.

وتبادل قادة أوروبا التحية بمرافق الأيدي بدلا من المصافحات اليدوية وقدموا الهدايا، لكن أجواء التفاؤل سرعان ما تبددت لدى بدء المحادثات، فيما جلس القادة في مقاعدهم في مقرّ تم خفض عدد موظفيه وفرضت فيه تدابير التباعد الاجتماعي.

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لدى وصولها “الاختلافات لا تزال كبيرة جدا، لكن علينا أيضا أن نواجه الحقيقة”. وتابعت “لهذا السبب أتوقع مفاوضات صعبة جدا”.

وأكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عند وصوله إلى القمة، أنها “لحظة حقيقة وطموح لأوروبا”، موضحا أنه “واثق إنما حذر” حيال نتائج الاجتماع.

وتؤيد ميركل وماكرون خطة إنعاش تتشكل من قروض ومبالغ دعم لدول أعضاء من أجل إنعاش اقتصادات دمرها الفيروس وتدابير العزل الوقائية.

وحذر ماكرون قائلاً إنّ “مشروعنا الأوروبي مهدد”، قبل أن يلتقي رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي المتمسك بعدم تقديم الأموال من دون شروط صارمة وحق نقض خطط إنقاذ وطنية.

من المتوقع أن تكون المفاوضات طويلة وشاقة إذ تملك كل دولة حق النقض، وقد لا تكون هذه القمة الاستثنائية المقررة ليومين اللقاء الأخير بين القادة.

ويتوقع أن تأتي المعارضة الرئيسية مرة جديدة من روتي الذي يعتبر مسؤولا جزئيا عن فشل آخر قمة لقاجى الاتحاد عقدت في فبراير الماضي.

أضف تعليق