كورونا والحبس الجماعي للشعب الفلسطيني .. (د. كمال إبراهيم علاونه)


كورونا والحبس الجماعي للشعب الفلسطيني ..

د. كمال إبراهيم علاونه

أستاذ العلوم السياسية والإعلام

نابلس – فلسطين

سؤال صحي للجميع .. لمن يهمه الأمر بفلسطين .. هل توفي شخص بالإنفلونزا الجديدة (كورونا) لوحدها أم أن هناك أمراضا أخرى كالقلب أو الضغط أو السكري أو الكلى أو السرطان تسببت بالوفاة ؟؟!

فلا داعي لإحصاء من يموت بأمراض مزمنة متعددة وبلغ من الكبر عتيا وكأنه توفي بفيروس الكورونا حتى وإن أصيب بالإنفلونزا العادية فالكورونا لا يختلف كثيرا عن الإنفلونزا التي يصاب بها الإنسان في الشتاء أو الصيف لأسباب شتى منها شرب المشروبات الباردة أو أكل المأكولات المثلجة .. فابتعدوا على الماء البارد جدا أو الأطعمة المفرزة بالثلاجة لأنها مضرة جدا للجهازين الهضمي والتنفسي وتسبب إلتهاب الحلق وإرتفاع درجات الحرارة والسخونة المرتفعة.

فإذا كانت الوفاة بأحد الأمراض المزمنة أو الطارئة الأخرى فإن الإغلاق الكلي على الجميع هو إنتحار جماعي لا ضرورة له !!!

لأن هناك نسب مئوية معينة من فئات الشعب المتعددة مصابة بأمراض مزمنة ولا يعقل أن تغلق البلاد كلها بسببها. لقد توقفت مسيرة الحياة الطبيعية للناس في البلاد منذ بضع شهور – والحالة مجهولة المستقبل – فزادت الحياة السيئة سوءا فوق سوء، وأصبح هم الإنسان مضاعفا لتوفير قوته وقوت أسرته وزادت التبعات الصحية والاجتماعية والاقتصادية للفرد والأسرة فتحول الإرهاق الجزئي إلى إرهاق كلي للفرد والأسرة والشعب وإنقلب الهم والغم إلى هموم وغموم جديدة ومتجددة بمتوالية حسابية بل وهندسية لا يعلمها إلا الله عز وجل ..

فلتغلق المناطق الموبوءة بفيروس كورونا المستجد جزئيا أو كليا حسب الحاجة لكن لا مبرر للحبس أو الإغلاق الكلي الشامل لفترة تزيد عن أربعة أيام . ولا بد من التقيد والإلتزام الذاتي للأفراد والأسر المنكوبة.. فنعم للتخصيص الجزئي الصحي ولا لتعميم العزل الإجتماعي والإقتصادي على الجميع فهو بمثابه حبس سيئ غير محمود العواقب والتبعات الملازمة والمتلاحقة ..

فمثلا، إذا أصيب فرد في العائلة بالإنفلونزا القديمة أو الجديدة ولم يعزل نفسه فمن الحتمي إنتقال العدوى للمخالطين، وهنا تقع المسؤولية الصحية على الفرد والجماعة . فيقتضي الأمر الحجر الصحي أو العزل الإجتماعي للمصاب أو المصابين لمدة 14 يوما أو شهر حسب الضرورة الصحية والنفسية وما تنصح به منظمة الصحة العالمية ..

وخلاصة القول، لتعود الحياة الإجتماعية والإقتصادية والتعليمية والثقافية والفكرية والصحية والرياضية وغيرها إلى طبيعتها كالمعتاد ولا داعي للهوس الصحي لأن الوضع لم يعد يحتمل لدينا ..

ومن يريد الإجازة الصيفية الطويلة فليجلس في بيته ؟؟! فقد ضاقت الأرض علينا بما رحبت ولا داعي للمبالغة والتهويل الصحي في الأمر ..

كفانا ضيق في ضيق .. فالإغلاق الشامل يسبب اليأس والقنوط والإحباط .. فلا للحبس الجماعي للشعب .. فالإغلاق يسبب المآسي الصحية والإجتماعية والإقتصادية ويجعل الإنسان أقل مقاومة للأمراض العادية أو الطارئة وأقل صبرا وصمودا أمام التحديات المصيرية الراهنة التي يفرضها الإحتلال الصهيوني البغيض .. فلا للحبس المضاعف، فيكفي الشعب الفلسطيني الحبس الكبير في السجن الكبير من الإحتلال ولا يعقل أن يفرض الحبس البيتي على الجميع أيضا..

لقد توقف قطار الحياة الخاصة والعامة وتأثرت البلاد والعباد وأصبحت في كرب شديد غير مسبوق . فلتسير الحياة رغم قسوتها المعهودة في الأرض المقدسة كالسابق ولا داعي لتقييدات جديدة وفقا لسياسة التجربة والخطأ !!!

ولنرسخ الإيمان العميق بأن لكل بداية نهاية، والموت حق على الإنسان صغيرا أو كبيرا ، فالموت واحد والأسباب متعددة. وهذه دعوة خاصة وعامة بأن يكون الإنسان مستعدا دائما للموت وملاقاة الرفيق الأعلى وأن يكتب اسمه في أعلى عليين. والله يحب المحسنين ويحب المصلحين ويحب الذاكرين الله كثيرا والمستغفرين والتوابين والأوابين .

– نعم للوقاية والحذر والأخذ بالأسباب ليس فقط لمواجهة وباء كورونا بل للتصدي ومواجهة جميع الأمراض الطارئة والمزمنة، المستجدة والمتجددة كالقلب والضغط والسكري والكلى والسرطان وغيرها.

– ونعم للحجر الوقائي الصحي لذوي الأمراض المزمنة من كبار السن، ونعم للعزل الإجتماعي الجزئي أو الكلي للمناطق

المنكوبة صحيا.

– ونعم للإنفتاح الكلي الشامل للحياة العامة الإجتماعية والإقتصادية والتعليمية والثقافية والفكرية والصحية والرياضية وسواها.

والله ولي التوفيق. سلام قولا من رب رحيم.

تحريرا في يوم الجمعة 26 ذي القعدة 1441 هجرية / 17 تموز 2020 م.

أضف تعليق