وباء كورونا ( كوفيد 19 ) والتأثيرات العشر على الحياة العالمية : سياسيا وأمنيا وعسكريا وإقتصاديا وإجتماعيا وصحيا وتعلميا وثقافيا ورياضيا وإعلاميا (د. كمال إبراهيم علاونه)


وباء كورونا ( كوفيد 19 ) والتأثيرات العشر على الحياة العالمية : سياسيا وأمنيا وعسكريا وإقتصاديا وإجتماعيا وصحيا وتعلميا وثقافيا ورياضيا وإعلاميا 

د. كمال إبراهيم علاونه

أستاذ العلوم السياسية والإعلام 

رئيس شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) 

نابلس – فلسطين 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

يقول اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}( القرآن المجيد – سورة البقرة ) . 

إستهلال 

ظهر فيروس كورونا العالمي ( كوفيد 19 ) ، في مدينة وهان بالصين أواخر عام 2019 ، ثم انتشر لبقية اصقاع الكرة الأرضية ، ليشمل كافة دول العالم والمناطق المرافقة لها في جميع قارات العالم بلا إستثناء فامتد إلى آسيا وأوروبا والأمريكتين وأستراليا وإفريقيا .  وقد أثر ويؤثر هذا الانتشار السريع المتصاعد والمتدرج والمتدحرج ، سواء أكان فيروسا مستنسخا ومفتعلا أو وباء طبيعيا ، تأثيرا سلبيا على مجمل الحياة الخاصة والعامة للأفراد والجماعات والشعوب والأمم قاطبة لؤذي 7,8 مليار نسمة في العالم ، بصورة عامة وشمولية لعشرة ميادين ومجالات : صحية وسياسية وأمنية وعسكرية وإقتصادية وإجتماعية وتعليمية وثقافية ورياضية وإعلامية على النحو الآتي : 

أولا : الميادين الصحية :

برزت تأثيرات وباء ( جائحة ) كورونا في العالم ، من أقصاه إلى أقصاه ، فاصيب أكثر من 5,2 مليون إنسان ، توفي منهم قرابة 350 ألف شخص . وفي بعض الدول إنهارات المنظومة الصحية ، من المشافي والطواقم الطبية المشرفة على الأوضاع الصحية في البلاد . ويشار إلى أن الكثير من الأطباء والممرضية والمسعفين أصيبوا بهذا الوباء الفتاك القاتل . وأظهرت الإحصاءات الرسمية ( الصادقة أو الوهمية من ناحيتي التقليل أو التكثير ) ، للتضليل الإعلامي والصحي والنفسي ورفع المعنويات العامة أو التهويل لنيل المعونات والمساعدات المادية ، من منظمة الصحة العالمية أو غيرها . ويمكنا القول ، إن الولايات المتحدة تربعت على هرم إحصاءات الوفيات بمرض الكورونا حيث توفي أكثر من 100 ألف أمريكي ( حتى كتابة هذه السطور ) . 

ثانيا : الميادين السياسية :

أربكت عملية الإنتشار الواسعة لوباء كورونا ( كوفيد 19 ) ، المحافل السياسية العالمية ، المحلية والإقليمية والقارية والدولية ، فاصبح الكورونا أولوية الأولويات في الحسابات الاستراتيجية والكتكتيكية على السواء ، فإنشغل رؤساء الدول وقادتها في المتابعة السياسية – الصحية المتواصلة بصورة منتظمة ، وزاد التهويل والهوس السياسي ، حول إصابة الكثير من رؤساء الدول والحكومات في شتى دول العالم . وتراجعت الاهتمامات الأخرى أمام تصدر جائحة كورونا للمشهد السياسي العالمي . 

ثالثا : الميادين الأمنية :

تسبب إنتشار وباء كورونا المستفحل في العالم ، يوما بعد يوم ، في تشديد الإجراءات الأمنية في كل دولة من الدول الموبوؤة ، وجرى تنسيب ملايين الجنود من الجيوش للاستعانة بها لتطبيق حالات حظر التجول ومنع الحركة بين الحين والآخر ، لفترات قد تقصر أو تطول . وفي هذه الحالة تم الاستعانة بقوى الأمن المختلفة لفرض الأمن والنظام بصورة مشددة ، لمنع إنتشار التسيب والفلتان الأمني في المجتمع . وهذه الحالة الأمنية الطارئة قللت من المشاكل الاجتماعية كالنزاعات والشجارات والسرقات وعمليات السلب والنهب لممتلكات المواطنين في هذه الدولة أو تلك . 

رابعا : الميادين العسكرية :

تضرر القطاع العسكري العالمي بأجنحته الثلاثة : البري والبحري والجوي ، بسبب إجراءات حظر التنقل والمكوث في البيوت ، فتراجعت أيام عمل المصانع العسكرية في العالم ، التي تصنع التقنيات والآليات الحربية للاستعمال المحلي أو التصدير الخارجي ، وقلت وتيرة الحروب ولكنها لم تتوقف في الكثير من أجزاء العالم المشتعلة بالحروب والصراعات الحزبية والأهلية والدولية . وبالتالي تكبدت الصناعات العسكرية خسائر فادحة بمليارات الدولارات . 

خامسا : الميادين الاقتصادية :

تسبب وباء كورونا خلال فترة ربع عام ( ثلاثة شهور ) ، في مطلع 2020 ، لشهور :  آذار ونيسان وأيار ، في شل الحياة الاقتصادية في الكثير من المناطق في العالم على إختلاف الأسماء والمسميات ، في كافة القطاعات الاقتتصادية : الصناعية والسياحية والتجارية والمهنية والزراعية والخدمية ، وانتشر الفقر وزادت حدة البطالة في العالم إلى مستويات غير مسبوقة ، وفقا لسياسة ( خليك في البيت ) ، وهو الحبس المنزلي في شتى أنحاء العالم التي نادت به بصورة جزئية أو كلية معظم الأنظمة السياسية الحاكمة في البلاد . فتوقفت معظم وسائل النقل والمواصلات البرية والبحرية والجوية ، مما أدى لإنهيار شركات الطيران في بعض الدول بصورة تامة . وشلت عمليات الاستيراد والتصدير لكافة المنتجات الغذائية والصناعية وسواها عبر العالم .

وتراجعت اسعار براميل النفط في اسفل درجاتها المالية بشكل مثير جدا ، حت أن بعض مبياعات النفط كانت فيمتها صفراأو سالبة في بعض الأحيان ، في سعي من المصدرين للتخلص من كميات النفط التي تأخذ حيزا في الناقلات النفطية العملاقة عبر البحار والمحيطات تلافيا لتلفها أو إحتراقها أو غير ذلك . وهذه الأمر تسبب في تناقص الايرادات المالية للكثير من الدول النفطية المصدرة للذهب الأسود والغاز الطبيعي مما يؤثر بصورة سلبية على التنمية المحلية لهذه الدولة أو تلك . 

و لا بد من الإقرار القانوني الرسمي بشأن العمل الوظيفي المنزلي ، لمن يتمكن من ذلك ، وتسمح طبيعية العمل بهكذا ظروف دونما إنتقاص من أجور أو رواتب العاملين في الشركات والمؤسسات . فالعمل البيتي له مزايا ممتازة في تقليل الجهود البشرية وزيادة الإنتاج باستثمار ساعات التنقل للمصلحة الفردية والمؤسسية والمصلحة العليا للشعب أو الأمة في الآن ذاته . 

سادسا : الميادين الاجتماعية 

نجم عن الحجر الصحي والعزل الاجتماعي ، توقف شبه تام للحياة الاجتماعية من الزيارات العائلية والسياحية الداخلية والخارجية ، وإغلقت المساجد والكنائس ودور العبادة في العالم لشهور واسابيع ، في وبائية طارئة غير مسبوقة في العصر الحديث . فمكث الناس في منازلهم بأوامر من حكوماتهم وقادتهم ، بدعاوى الوقاية من مرض كورونا المتزايد في العالم ، والذي اصاب كافة الفئات الاجتماعية مع تاثر الفئات الاجتماعية الكبيرة في السن بصورة عامة ، والمصابين بأمراض مزمنة بوصرة خاصة . فتوقفت الحركة جزئيا أو كليا ، ومنعت الصلوات الجماعية في المساجد والكنائس ، مما أدى لتاثيرات سلبية على الناس ، ففرض حظر التجوال على مليارات الأشخاص ، وتقطعت السبل بالكثير من الناس من الطلبة والمرضى والمسافرين والسياح والمغتربين ، في جميع قارات العالم ، لفترات محددة أو مفتوحة أحيانا . فزاد السخط والتذمر الشعبي والامتعاض الديني ، والعزل الاجتماعي المفروض فرضا على الأمم والشعوب ، بلا إستثناء . وساهم هذا الوباء في تقليل المصافحة بين الناس ، وإنخفاض حالات الزواج ، وتقليل الحفلات والمهرجانات واللقاءات وبالتالي ألحق هذا الوباء المستجد وهذه الإجراءات الحكومية  الطارئة أضرارا اجتماعية ودينية ( إسلامية ونصرانية ومذهبية اخرى ) غير محدودة مما يحتم التقليل من تأثير هذه الآثار السلبية المصاحبة بصورة منصفة للمؤمنين . 

سابعا : الميادين التعليمية : 

فرضت السلطات الحاكمة في الدول ، حالات إغلاق تام لرياض الأطفال والمدارس ( الأساسية والثانوية ) ، الحكومة والخاصة ، كما أقفلت أبواب الجامعات ، فمكث الطلبة في منازلهم . ولجأت بعض الدول لاعتماد التعليم المفتوح عن بعد ، والتعليم الإلكتروني عبر الانترنت ( العالم الافتراضي ) . ومن المعروف أن القطاع التعليمي ( العام والجامعي ) يساهم في تحريك عجلة الاقتصاد كخدمة عامة للشعب مع ما يترتب على ذلك من تحريك البيع والشراء ، وساهم إغلاق المدارس والجامعات بسبب العزل الاجتماعي والبقاء في البيوت غلى توقف حركة السير العمومية والخصوصية  . على العموم ، برزت الحاجة للإقرار الرسمي والشعبي للتعليم الإلكتروني المفتوح ، والتعلم عن بعد ، لإستثمار أوقات الشعوب والأمم بالطرق المثلى ، والحيلولة دون ذهاب أعمارهم سدى بضياع فصول دراسية وهذا يتطلب إعداد الخطط الطارئة الاستراتيجية وسرعة التعاطي الإيجابي في وضع الحلول المثلى لتقليل الأضرار التعليمية في جميع المستويات المدرسية والجامعية . 

ثامنا : الميادين الثقافية : 

توقفت كل النشاطات الثقافية في العالم ، ولم يعد يسمع لها صدى هنا أو هناك ، واستعيض عنها بالنشر الثقافي عبر وسائل الإعلام ، ولكن وزارات ومؤسسات الثقافة لم يعد يسمع عنها الإنسان غلى لماما ، وكأن فيروس كورونا ، أثر عليها تاثيرا كبيرا جدا بلا توقف ، ونجم هذا عن منع التجمعات البشرية لاثر من 50 شخصا أو 20 شخصا أو 10 اشخاص أو شخصين إثنين في مناطق أخرى . 

تاسعا : الميادين الرياضية : 

ألغيت الكثير من المباريات الرياضية والماراثونات والألومبيادات الإقليمية والمحلية في الكثير من العواصم العالمية ، فشلت الحركة الرياضية بشكل شبه تام ، ما ما سببه ويسببه هذا التجميع أو الإلغاء من مصاعب إدارية ومالية ومهنية رياضية للفرض الرياضية وخسائر للندية الرياضية . فلم تعد الحركة الرياضية كسابقاتها في تنظيم المسابقات والمباريات والمهرجانات الرياضية لشتى الألعاب على إختلاف أنواعها وأشكالها . وغابت عملية بيع التذاكر للجمهور وبالتالي إنخفضت الإيرادات المالية للنوادي والفرق الرياضية . 

عاشرا : الميادين الإعلامية : 

لقد لعبت وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمرئية دورا في تأجيج ونشر الفزعات والهلع والخوف والرعب من هول فيروس كورونا ( كوفيد 19 ) ، فاصبح الشغل الشاغل للإعلام التركيز وبث آخر مستجدات وباء كورونا المستجد عبر العالم . فتصدرت نشرات وزارات الصحية ومنظمة الصحة العالمية وقادة الدول في الإيجازات الصحفية لإطلاع الشعوب والأمم على وباء كورونا : الأسباب والمسببات وسبل الوقاية في ظل غياب العلاج أو المصل أو اللقاحات المضادة لهذا المرض العالمي الذي إنتشر بسرعة البرق في مشارق الأرض ومغاربها .  

هل هناك إيجابيات لوباء كورونا 2020  ؟؟! 

هذا السؤال يتبادر إلى أهان الكثير من الناس ، والإجابة ببساطة ، فكما أن لفيروس كورونا تأثيرات سلبية عامة وخاصة ، فلا بد أن يصاحب ذلك أمور إيجابية استراتيجية وطارئة ، وقد إستعرضنا آنفا ، باختصار سلبيات وباء فيروس كورونا ( كوفيد 19 ) ، وفيما يلي بعض الملاحظات والنقاط الإيجابية لحالات الطوارئ التي فرضت إبان فترة إنتشار كورونا ، لأخذ العبر والدروس والعظات الضرورية للمستجدات القادمة  ، لعل من أهمها : 

  1. أثبت هذا الوباء أن الإنسان أو الشعب أو الأمة مهما بلغت قوتهم المادية والاقتصادية والعسكرية والنفسية ، فهم ضعفاء جدا ، أمام فيروس صغير جدا لا يرى بالعين المجردة ، وأن القدرة الإلهية هي القوة الخارقة فوق جميع القوى البشرية ، ومن الضروري أن يكون الإنسان مؤمنا تقيا فلا يعرف متى سيرحل عن الحياة الدينا الفانية للانتقال للحياة الآخرة الباقية . 
  2. أثبت إنتشار مرض كورونا ( كوفيد 19 ) ، بأن المنظومات الصحية المحلية والعالمية ، ليست جاهزة أو مستعدة لحالات بسيطة أو متطورة من هذا المرض أو غير من الأمراض والأوبئة المستجدة الطارئة ، وبالتالي تستدعي هذه الحالة القوصى من إنتشار فيروس كورونا ، تخصيص ميزانيات مالية ، ومواد وأدوات طبية أكثر للمؤسسات والعيادات والمشافي في العالم . 
  3. ضرورة الاهتمام بصورة أكبر بالتطور والتطوير الطبي الوقائي والعلاجي على السواء ، وتشجيع الابتكار والابداع في تشخيص الأمراض الطارئة ، وإيجاد الحلول والأمصال والعلاجات الواقية من هذا حياة إنسانية . 
  4. الرعاية والإهتمام الصحي بجميع فئات المجتمع وخاصة فئات المسنين ، حيث كانت معظم الوفيات بوباء كورونا من الكبار في السن من ذوي الأمراض المزمنة كالقلب والكلية والضغط والسكري والرئة والسرطان وخلافها . 
  5. ضرورة رصد الأموال اللازمة لمكافحة الفيروسات والبكتيريا الضارة التي تسبب العلل والأمراض غير المسبوقة للإنسانية جمعاء . 
  6. ضرورة التعاون الدولي في مكافحة الأمراض والأوبئة المستجدة ، صحيا وطبيا وإداريا وماليا وتقنيا ، وتجميع الخبرات العالمية للإستفادة من التجارب الطبية للكثير من دول العالم وعدم التفرج على المنكوبين . وذلك لأن الوباء لا يستهدف شعبا أو أمة بحالها فقط بل يشمل ضرره جميع الشعوب والأمم في العالم . 
  7. ضرورة العمل الحثيث الفعلي على تحريم إنتاج وبيع ونشر الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية لقتل الإنسان ، بغض النظر عن العرق والدين واللون والجنس . 
  8. اثبتت منظمة الصحة العالمية ، أنها ليست على المستوى المطلوب ، فكانت في حالات إرباك وتذمر وإضطراب صحي وإداري ، وتخبط طبي ، لا تتناسب مع مقدراتها وإمكانياتها وإداراتها ، وبالتالي يجب العمل على تصحيح الخلل التقني والصحي والإداري والمالي ، لتصيح هذه المنظمة الصحية ، عالمية بكل ما في الكلمة من معنى ، بلا إسقاطات طبية أو دعايات مضللة ، ويفترض العمل الجاد على إبعاد منظمة الصحة العالمية عن التجاذبات السياسية العالمية بين الدول الكبرى . 
  9.  لا بد من وجود لجان طوارئ مدربة ومتعددة في الظل محليا وعالميا ، لمواجهة مثل هذه المستجدات الصحية أو الاقتصادية التي أرهقت الناس ، وجعلت الحكيم حيرانا ، وتسببت في آلام الشعب والأمم نفسيا وماديا ، ولا بد من ملازمة الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين لمواجهة هذه الطوارئ الصعبة على الاستيعاب والتكيف الإيجابي معها لتقليل الآثار السلبية على الأفراد والعائلات المتضررة . 
  10. لا بد من إستبعاد العناصر الشريرة وعدم الزج بها في الصفوف الأولى لفرض حالات منع التجول والإغلاق الجزئي أو الكلي ، أو توزيع المعونات المالية والعينية ، فالناس بحاجة ماسة لمن يقف معهم وبجانبهم ويرشدهم وينصحهم من المختصين والخبراء ، وليسوا بحاجة لأناس شريرين ، من الفسدة والمفسدين ، الذين يتعاملون مع الآخرين بفوقية ونفاق ورياء واستكبار وتكبر ، مما يسبب الآفات الاجتماعية التي تصاحب الآفة الصحية المنتشرة ، وبالتالي التقليل من الفتن والاستعراضات الاجتماعية غير المبررة . ويجب أن تطبق مبادئ الاستحقاق الطبيعي الحقيقي والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والمساواة في التوزيع المالي والعيني على المحتاجين وليس حرمان الكثير منهم للتمكن من الصمود بنجاح أمام الأوبئة والأمراض الغازية للمجتمع الإنساني .  
  11.  ضرورة إقرار التعليم الإلكتروني ( المدرسة الإلكترونية المفتوحة و الجامعة الإلكترونية المفتوحة ) للتغلب على المصاعب الحياتية في حالات الطوارئ الصحية أو الأمنية أو العسكرية . 
  12.  ضرورة العمل على إتاحة المجال أمام العمل المنزلي ، للموظفين أو العمال المهرة المدربين ، حسب طبيعة العمل الملائمة ، بما يتوافق مع معايير ومقاييس العمل الإنتاجي المفيد خدميا وتقنيا ، ويوفر الوقت والمال على العاملين واصحاب العمل . 

كلمة أخيرة 

لقد أثبت حالة الاستنفار والطوارئ الصحية والسياسية ، التي فرضتها الدول على شعوبها وأممها ، وإستغلت نفسيا لتثبيت صلاحيات الكثير من الأنظمة السياسية والعسكرية القمعية ، بأنها كانت أحيانا عديمة الجدوى ، واضطرت إلى إتباع سياسة ( التجربة والخطأ ) ، مما تسبب في آثار شاملة مدمرة ، وهلع ورعب وخوف لدى الشعوب والأمم الكثيرة ، بلا مبررات أو دواعي من الهوس الأمني والصحي أو السياسي أو التضخيم الإعلامي ، الذي أعلن عنه في الكثير من دول العالم .

ولا بد من تعزيز وترسيخ مبادئ الإيثار والتكافل الاجتماعي والتكامل الاقتصادي بين الناس ، والإنخراط في لجان الطوارئ ، وتضافر الجهود بين القطاعات العاملة في البلاد : القطاع الحكومي والقطاع الأهلي والقطاع الخاص . 

ولا بد من القول ، إن العالم باسره ، بما كان عليه بمرحلة ما قبل وباء كورونا ستختلف عن المرحلة اللاحقة أو لما بعد جائحة كورونا المستجدة ( كوفيد 19 ) في الربع الأول من عام 2020 ، في جميع المجالات الطبية والسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والتعليمية والثقافية والاعلامية والرياضية . فعلى سبيل المثال لا الحصر ، ستتغير النفسيات البشرية داخل الدولة الواحدة أو عبر التحالفات الإقليمية والدولية : السياسية والاقتصادية والجغرافية ، فستنشأ تحالفات جديدة ، وستذوى وتأفل تحالفات وإئتلافات سابقة ، وستندثر علاقات بعض الدول مع دول أخرى وهكذا بسبب المواقف التي برزت خلال الفترة القصيرة السابقة . 

إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . والعاقية للمتقين . والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم . 

تحريرا في يوم السبت 30 رمضان 1441 هـ / 23 أيار 2020 م . 

 

أضف تعليق