من أجل شراكة زوجية سعيدة وناجحة .. رسالة مفتوحة للمرأة المسلمة لإنجاح الأسرة والحياة الزوجية (د. كمال إبراهيم علاونه)


من أجل شراكة زوجية سعيدة وناجحة .. رسالة مفتوحة للمرأة المسلمة لإنجاح الأسرة والحياة الزوجية (د. كمال إبراهيم علاونه)

نشرت بواسطة: شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج ) في الأسرة المسلمة, المرأة المسلمة, النسائيات الفلسطينية, حديث إسراج – د. كمال إبراهيم علاونه, عالم المرأة, مع الناس 2019-08-23 التعليقات على من أجل شراكة زوجية سعيدة وناجحة .. رسالة مفتوحة للمرأة المسلمة لإنجاح الأسرة والحياة الزوجية (د. كمال إبراهيم علاونه) مغلقة 342 زيارة

 

من أجل شراكة زوجية سعيدة ناجحة

 رسالة مفتوحة للمرأة المسلمة لإنجاح الأسرة والحياة الزوجية

 

د. كمال إبراهيم علاونه

 أستاذ العلوم السياسية والإعلام

 رئيس شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )

 مؤلف كتاب نور الإسلام العظيم

 نابلس – فلسطين

 بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله العزيز الحكيم عز وجل في الكتاب العزيز : { وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)}( القرآن المجيد ، الروم ) .

 { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } ( القرآن الكريم : سورة النساء ، الآية 1 ) . وقال تعالى : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } ( القرآن الكريم ، سورة النحل ، الآية 72 ) .

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ ” ، صحيح البخاري – (ج 16 / ص 33) .

 إن المجتمع الإسلامي السوي الخالي من الشوائب الاجتماعية ، ينظر للأسرة أو مؤسسة الزواج بأنها خير عميم لا بد من للشباب وللشابات ، على وجه الخصوص ، وإلى الحياة العامة على وجه العموم ، فإن هذا هو عين الحق والحقيقة في سائر المجتمع الإنساني . وعلى العكس من ذلك ، فإن المجتمعات الغربية الأجنبية تنظر للأسرة أو الزواج بأنها أمر يجب عدم الاستعجال به ـ كونه شر لا بد منه في سن متأخرة حسب وجهة النظر الغربية الغريبة ، وذلك لتجنب الإنفاق أو الإلتزام الأخلاقي والمعنوي والبدني والمادي وبالتالي التهرب من المسؤوليات الأسرية حتى إيصالها لسن الرشد حتى الثامنة عشر من العمر .

 على اي حال ، تكثر في الحياة العامة والخاصة للأسرة في هذا الزمن الكثير من العقبات والمشكلات التي تقف حجر عثرة أمام السعادة الأسرية عامة ، والتوافقات الزوجية بين الزوج والزوجة خاصة ، وفيما يلي بعض النصائح الإسلامية العامة والخاصة ، للأسرة المسلمة عامة ، وللزوجة المسلمة خاصة ، للحفاظ على البيت الإسلامي السعيد الأمن المستقر الذي ينعم بالهدوء وهداة البال والطمأنينة والإطمئنان ، للزوج والزوجة على السواء ، وللأطفال والأبناء أيضا صغارا وكبارا ، ذكورا وإناثا ، بعيدا عن الإنحرافات والسلوكيات الخاطئة ، والتصرفات النكدية التي لا تجلب إلا النكد والخلافات والنزاعات والهم والغم والشقاق وربما الفراق ، في اصعب مراحله وهو الطلاق ( لا قدر الله ) ، أو هجرة الزوج لزوجته في المنزل ، أو الإهمال أو التجاهل أو التعددية بلجوء الزوج لإضافة زوجة أخرى ، أو زوجات أخريات حسب ما تقره الشريعة الإسلامية :

 

د. كمال إبراهيم علاونه – أستاذ العلوم السياسية والإعلام – رئيس شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )

أولا : الرضا والتوافق النفسي بين الزوج والزوجة :

الرضى والتراضي النفسي والبدني بين طرفي العلاقة الزوجية حسب تعاليم الرسالة الإسلامية الواردة في القرآن المجيد والسنة النبوية الشريفة ، لتوفير الرحمة والسكن والسكينة ، وممارسة الحياة الايجابية ، الأولية الحالية والمستقبلية ، وفق توافق وحياة تكاملية بين الزوج والزوجة وتوزيع الأدوار الاجتماعية بعيدا عن العادات والتقاليد الجاهلية البالية التي عفا عليها الزمن كالتقليد الأعمى للغير أو للأجانب . على العموم، يفترض في المرأة الصالحة ان لا تعاند زوجها بتاتا بل تتعاون إيجابيا معه وتودع زوجها عند البوابة عند خروجه للعمل صباحا وإستقباله بالحسنى والوجه المبتسم الضاحك البشوش والزينة الطيبة عند عودته من العمل مساء وعدم إستقباله بالتذمر والغضب وبالتحقيق لتأخره أو عدم رده عليها بالإتصال الهاتفي أو عدم تمكنه من تلبيه طلباتها الشخصية أو البيتية وطرح الأسئلة الغريبة العجيبة كالمسلسلات المصرية أو السورية الهابطة قبل أن يجلس ويرتاح لأن ذلك يسبب عدم الثقة والتذمر من الزوج غالبا مع ما يخلقه ذلك من جفاء ويفتت ويسبب حالة الصفاء والمودة والمحبة والوفاء بين طرفي العلاقة الزوجية .

بالإضافة إلى ذلك لا بد من إبتعاد الزوجة كشريكة حياة عن أسلوب اللوم المتكرر للزوج ، لما يسببه ذلك من نفور وجفاء غير مستحب بين الزوجين ويؤثر سلبيا على الحياة الأسرية والزوجية على السواء .

 ثانيا : تقليل المهور وتكاليف الخطوبة والزواج :

لا بد من الإقتصاد المالي المقنن في تكاليف الخطوبة والعرس للمصلحة الأسرية الجديدة في المجتمع الإسلامي ، ويتمثل ذلك بتقليل التكاليف المادية ( النقدية والعينية ) وعدم تكلفة الخاطب أو الزوج ما لا يطيق من المال ، فيضطر إلى لإستدانة من المعارف والأقارب والأصحاب والأصدقاء أو التعاطي مع القروض الربوية من البنوك والمؤسسات الاقراضية التي تضاعف وتراكم المبالغ المالية المقترضة . فالطلبات الهائلة من الخطيبة أو الزوجة من الحفلات والصالات والبذخ والإسراف في الإنفاق على حالات الخطوبة والزفاف ، كتقليد أعمى للغير ، أو الجيران أو الغرباء والإدعاء الأجوف المزيف بأن زيادة الإنفاق على حفلات الأفراح ، هو علامة من علامات الفخر والكبرياء والنفوذ والقيمة المعنوية والجماعية للأنثى المخطوبة أو الزوجة ، فالإسراف المالي يؤدي إلى الديون المتراكمة التي تسبب المتاعب النفسية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها .

 ثالثا : الرضى بالمأوى المناسب :

الرضى بالسكن بالشقة أو بالمبنى الملائم ( التمليك أو بالأجرة ) حسب مقدرة الخاطب أو الزوج ، وعدم البذخ في هذا الأمر ، لأن ذلك يسبب النفور الشبابي من الخطوبة الناجحة أو الزواج السعيد . ويفضل عدم السكن المشترك مع الأهل ، للحفاظ على علاقات طبيعية آمنة ومستقرة بين الأسرة الأم والأسرة النووية الجديدة وأسرة الزوج والزوجة وتجنب النزاعات والخلافات العائلية .

 رابعا : الحياة الاجتماعية المستقلة :

إن العلاقات الاجتماعية الطيبة مع أهل الخطيبة أو الزوجة ، أو اهل الخطيب أو الزوج ، ضرورة إستراتيجية لا مفر منها ، وذلك وفقا للمقبول والمأمول من الحياة الزوجية السعيدة ، فمثلا ، لا تقضي المرأة ساعات طويلة لدى والديها وأهلها ، وتهمل زوجها وأبنائها . فهناك حالات أسرية فشلت بسبب تدخل الأهل السلبي لا الايجابي ، سواء أكان التدخل السلبي من أهل الزوج أو من أهل الزوجة . فمثلا لا داعي لمكوث الزوجة عند أهلها ( والديها أو إخوتها أو أخواتها ) يوميا أو إسبوعيا بصورة مستمرة معظم ساعات النهار ، من الصباح حتى المساء أو ساعات متأخرة ثم العودة للبيت منهكة ومتعبة مما يؤدي إلى عدم التوافق النفسي والاجتماعي بين الزوج وزوجته ، ويعرض حياة الأسرة للخطر . وكذلك لا داعي لتدخل أسرة الزوج أو أسرة الزوجة في عدد الأبناء والبنات من ناحية التكاثر الطبيعي أو الإنجاب الأسري لأن هذا الأمر يتعلق بالزوجين وحدهما فقط . أضف إلى ذلك، عدم خروج الزوجة إلى خارج البيت للزيارات أو الحفلات إلا بعلم وإذن زوجها لأن التصرف الأحادي من الزوجة يولد النزاعات والخلافات والمشاحنات بين قطبي الأسرة الواحدة.

 خامسا : الإنفاق المعيشي المعتدل :

يفترض إبتعاد الزوجة عن تكليف الزوج ما لا طاقة له به ماديا ، فالاعتدال ( بلا شح أو إسراف ) ومراعاة الظروف النفسية والاقتصادية مسألة تستحق الإحترام والتقدير ، وكذلك الحال الابتعاد عن الشح والبخل في السعي الحثيث لتوفير المستلزمات البيتية الحياتية لما لذلك من أثر نفسي طيب على الحياة الزوجية خاصة والحياة الأسرية والعائلية عامة . فمثلا ، عند كتابة الزوجة لقوائم شراء المستلزمات البيتية اليومية أو الإسبوعية أو الشهرية أو الموسمية ( الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية ) ، لا بد من الشعور مع الزوج في طريقة واسعار وكميات شراء وتوفير هذه الاحتياجات الضرورية أو الكمالية ، حسب ما هو متوفر في الأسواق المحلية وفقا للأسعار المقبولة شعبيا ومجتمعيا وغير غالية جدا أو خيالية . وتجنب تفتيش الزوجة عن البنود التي أدرجتها في قائمة المطلوبات ، غير المتوفرة أو باهظة الثمن ريثما تتوفر بأسعار مقبولة لاحقا .

 سادسا : الزي والظهور البدني النسوي الإسلامي :

لا بد من تقيد المرأة المسلمة ، سواء أكانت خطيبة أو زوجة بالزي الإسلامي حسب الرسالة الإسلامية الحنيفة ، والتجنب الفعلي عن كشف البدن أو جزء منه أمام الناس الغرباء الأجانب عنها ، بارتداء الملابس القصيرة أو الضيقة أو الشفافة أو غير المناسبة ، التي تأتي للتقليد الأعمى الجاهلي أو الغربي المقيت ، أو التشبه بالكافرين والمجتمعات الغربية السافرة . وخير الملابس الإسلامية النسوية هي الفضفاضة ، التي لا تكشف جسم المرأة . فمثلا لا بد من لبس العباءة الفضفاضة الساترة أو الجلباب الواسع الساتر ، الذي لا يكشف اي جزء من بدن المرأة ، وتغطية الرأس في جميع فصول السنة الأربعة ، وليس في فصل الشتاء البارد فقط ، وكذلك عدم إستخدام الزينة الفاضحة كالعطور وطراشة الوجه من الخدين والشفتين والعينين أمام الرجال الغرباء الأجانب من غير المحارم في الدراسة الجامعية أو العمل والشوارع والحفلات المختلطة ، لما يسببه ذلك من فساد وإفساد أخلاقي واجتماعي للشباب خصوصا والمجتمع عموما ، وخلافات أسرية داخلية تقلق وتؤرق حياة الأسرة المسلمة .

 ولا بد من القول ، إن للمرأة الخاطبة أو المتزوجة أن تلبس ما تشاء في بيت الزوجية مع مراعاة الأحكام الإسلامية الحقيقية . فلتستخدم المرأة المياكياج ( الزينة الشرعية ) في البيوت والحفلات النسوية الصرفة الداخلية وليست الخارجية ، وليس الخروج بالزينة والعطور في الشوارع وصالات الحفلات المختلطة الماجنة أو شبه الماجنة في المجتمع .

 سابعا : الإتفاق الثنائي على وضع الميزانية الأسرية :

ينبغي التوافق الأسري بين الزوج والزوجة أو معيل الأسرة من الأبناء أو البنات ، فهذه الميزانية الأسرية الإسبوعية أو الشهرية أو الموسمية التقديرية القابلة للزيادة والنقصان في الآن ذاته ، هي التي تتناول التكاليف الثابتة والتكاليف المتغيرة أو التشغيلية ( التكاليف الثابتة كالسكن أو الأطعمة والأشربة وغيرها أو التكاليف المعيشية المتغيرة كالملابس والهدايا والزيارات والمجاملات الاجتماعية ، أو التكاليف الكمالية : كإقتناء السيارة أو أجهزة الإتصالات أو الأثاث الفاخر وغيرها ، المكلفة ماليا بإسراف وبذخ واضح بلا ضرورة فعلية لها ، وذلك بالتقيد المالي حسب ما هو كائن أو متاح وليس كما يجب أن يكون والخضوع للإستدانة والديون المرهقة للأسرة ، وفقا للأهواء والأمزجة الفردية من الزوج أو الزوجة .

 ثامنا : التشاركية المالية بين الزوج والزوجة :

الرجل هو المكلف شرعيا بالإسلام العظيم ، بالإنفاق المالي على الأسرة ، من الزوجة والأطفال حتى سن البلوغ ، والتعليم المدرسي والجامعي ، وربما يحتاج الأمر لأنفاق معيل الأسرة على إخوانه القاصرين ، أو أخواته غير المتزوجات أو والديه ، إذا كان والد الزوج لا يعمل أو ليس لديه المال الكافي للإنفاق الدائم المستمر ، وفقا لنظام التكامل والتكافل الإسلامي للأسرة أو العائلة الواحدة .

 ولكن في حالة عمل الزوج ، وعدم كفاية المعاش أو الراتب الشهري للزوج ، وضيق ما في يد الزوج ، وكانت الزوجة ميسورة الحال المادي أو تعمل في القطاعين العام أو الخاص ، فلا بد من التشاركية المالية بين راتب أو أجرة الزوج والزوجة الإسبوعية أو الشهرية أو الموسمية ( في حالات التجارة وغيرها ) ، لتوفير متطلبات الحياة الضرورية المعيشية بالحد الأدنى على الأقل . فمثلا ، لا مانع من مساهمة الزوجة الموظفة أو العاملة بثلث أو نصف أو حتى ثلثي راتبها لإكمال توفير متطلبات الحياة المعيشية الأسرية لتبقى الأسرة آمنة ومستقرة وناجحة في الحياة .

 كلمة أخيرة .. التعاون الأسري والشراكة الزوجية خير لا بد منه

يقول الله العلي العظيم تبارك وتعالى : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)}( القرآن العظيم – سورة الأحزاب) .

 ومن نافلة القول ، إن تكوين الأسرة المسلمة ، ليس مشروعا اقتصاديا بتاتا ، بل هو مشروع إجتماعي عظيم ، ورباط مقدس ، ولبنة أولى من لبنات المجتمع الإسلامي الإنساني القويم القائم على الرحمة والمحبة والمودة المتبادلة بين الطرفين ( الذكر والأنثى ) لا العلاقة الأحادية الطرف ، وليس التجبر والاستغلال الاقتصادي لأي من طرفي العلاقة الزوجية بأي حال من الأحوال .

 آملين حياة سعيدة آمنة ومستقرة مطمئنة للأسر المسلمة جمعاء في المجتمع الإسلامي القويم ، لنيل رضى الله أولا ثم بناء المجتمع الإسلامي الإنساني القائم على التكامل الاقتصادي والتكافل الاجتماعي وتوزيع الأدوار في الحياة كل لما خلق له ، لقيادة العالم نحو الرخاء والإزدهار والبناء المجتمعي السليم ، المستند إلى العدل والعدالة والمساواة والتكاملية البشرية ، وحسب المقدرة العقلية والنفسية والبدنية والمالية للمنفقين والمنفقات ، لممارسة الحياة الطبيعية المستقرة ، التي تضمن بقاء المجتمع الإسلامي خاليا من الأمراض والآفات الاجتماعية والانهيارات الاقتصادية والتناحرات والصراعات السياسية ، بعيدا عن العصبية القبلية والعشائرية البغيضة واللامبالاة النفسية والتفكك الاجتماعي والانحلال الأخلاقي والسقوط في أعمال الحياة السافلة الهابطة ، وتجنب الشوائب والمنغصات الاجتماعية والصحية والتعليمية والاقتصادية وسواها .

 وأخيرا ، فإن المال هو مال الله في أرض الله الواسعة ، لعباد الله في الكرة الأرضية فقط ، ولن يصطحب أحدا المال في قبره ، نقدا أو عينا ، بل يرافقه العمل الصالح فقط ، فأنفقوا ولا تسرفوا ولا تقتروا وليكن بين ذلك وسطية وقواما وزنوا بالقسطاس المستقيم ، ليعيش الناس في العيش الرغيد السعيد ، بعيدا عن التعب والمشقة والتكلف ، فيسروا ولا تعسروا .. وعيشوا الحياة الدنيا الفانية على اساس كونها ممر إجباري للجميع ، ولا تنسوا أن الحياة الآخرة هي دار البقاء ودار القرار والخلود الأبدي ، فخذوا من ممركم لمقركم .

 يقول الله الحميد المجيد جل جلاله :

 { وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)}( القرآن المجيد – سورة الفرقان ) .

{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) }( القرآن المجيد – سورة فاطر ) .

{ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)}( القرآن المجيد – سورة الحديد ) .

{ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) }( القرآن المجيد – سورة المنافقون ) .

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}( القرآن المجيد – سورة التغابن ) .

والله ولي التوفيق . سلام قولا من رب رحيم .

 تحريرا في يوم الجمعة 22 ذي الحجة 1440 هـ / 23 آب 2019 م .

 نابلس – فلسطين

أضف تعليق