اللغة العربية المقدسة .. لغة الضاد الخالدة
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية
نابلس – فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم
وقد جاء ذكر القرآن العربي باللغة العربية الفصيحة في عدة آيات قرآنية مجيدة توزعت على سور قرآنية كريمة ، تؤكد أن القرآن عربي اللسان والتلاوة ، مقدس تنبع قدسيته من كلام الله الملك القدوس من أبرزها الآتي :
أولا : عربي مبين :
يقول الله جل جلاله : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)}( القرآن المجيد ، النحل ) . ويقول تعالى : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191) وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (196) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197) وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199)}( القرآن المجيد ، الشعراء ) . ويقول الله عز وجل : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}( القرآن المجيد ، فصلت ) .
ثانيا : قرآنا عربيا : وصف الله تبارك وتعالى القرآن الكريم بأنه ( قرآنا عربيا ) . يقول الله جل جلاله : { الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)}( القرآن المجيد ، يوسف ) . ويقول تعالى أيضا : { وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}( القرآن المجيد ، طه ) . ونطقت آيات أخرى فقالت : { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}( القرآن المجيد ، الزمر ) . وجاء بآيات أخر : { حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5)}( القرآن المجيد ، فصلت ) . وورد بسورة الشورى قوله تبارك وتعالى : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8)} ( القرآن المجيد ، الشورى ) . وكذلك ورد ذكر ربط القرآن الكريم بالعربية ، فقال الله عز من قائل : { حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5) وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (7) فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)}( القرآن المجيد ، الزخرف ) .
وأكد الإسلام العظيم على عظمة وأهمية وقدسية القرآن المبين ، جاء في المعجم الكبير للطبراني – (ج 9 / ص 387) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : ” أُحِبُّوا الْعَرَبَ لِثَلاثٍ : لأَنِّي عَرَبِيٌّ ، وَالْقُرْآنُ عَرَبِيٌّ ، وَكَلامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَرَبِيٌّ ” .
وبناء عليه نقول ، إن الإسلام خاتم الرسالات السماوية للبشرية ، جاء بلغة عربية فصحية خالدة ابد الآبدين ، فلا صلاة إلا بها ، فمهما كانت لغة الإنسان عربية أو لاتينية أو أحد فروعها كالإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية وسواها أو لغة فارسية أعجمية أو أوردية أو هندوسية أو روسية أو خلافها فلا بد له وقت العبادة من ترديد القرآن المجيد باللغة العربية واللفظ العربي المبين . وقد شاهدت ولمست شخصيا بعض الأجانب المسلمين يحاولون أو يتمكنوا من قراءة أو تلاوة القرآن الكريم وتجويده عبر كتابة لفظة بحروف لغتهم الأبجدية ليتموا صلاتهم المفروضة الخمس والطوعية المتعددة لله سبحانه وتعالى خالق الخلق أجمعين . والإنسان هو مخلوق من مخلوقات الله في الأرض لعبادة الله جل شأنه ، وهذه العبادة لا تكون إلا باللفظ العربي ، فهل هناك تكريم أكثر من هكذا تكريم للعرب وأهل القرآن العظيم ، فهي خير أمة أخرجت للناس ، رغم أن التفضيل والتكريم الأساسي بين الناس يقوم على مبدأ واحد هو التقوى ، تقوى الله العزيز الجبار . يقول الله عز من قائل : { وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)}( القرآن المجيد ، الذاريات ) .
وقد تحدى الله العلي العظيم الناس جميعا أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو عشر سور من مثله فعجزوا ولن يفعلوا ، فهو كلام الله العزيز الحكيم باللسان العربي المبين ، بعيدا عن تأويل المتأولين بأنه أعجمي أو غير ذلك ، ولا يمكن لأحد أن يأتي مثله ولو اجتمعت الجن والإنس ، وبهذا فإن القرآن المجيد معجز للبشر في لفظه العربي وحروفه وتركيبها وتأويلها وإخبارها عن الماضي والحاضر والمستقبل بشكل موجز ، عن ذلك يقول الله عالم الغيب والشهادة : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)}( القرآن المجيد ، الإسراء ) . ثم تحدى رب العزة والجبروت الكافرين بأن يأتوا بعشر سور مثله ، فقال جل جلاله : { أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (14)}( القرآن المجيد ، هود ) . وأنى لهم أن يأتوا بمثله أو بجزء من مثله .. هيهات .. هيهات ، فهو كلام إلهي لا يأتيه الباطل من أمامه أو من بين يديه أو من خلفه ، إذ نبه لذلك المولى ، رب العالمين : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)}( القرآن المجيد ، فصلت ) .
وفيما يتعلق باللغة العربية المقدسة ، إلهيا وبشريا ، وتعريب التعليم الجامعي في الكليات العلمية في الجامعات الفلسطينية والعربية فتعتمد اللغة العربية الخالدة بخلود القرآن العظيم لغة رسمية أولى للتدريس الجامعي في مختلف صنوف العلم والمعرفة في كافة الأقسام والكليات الجامعية الإنسانية ، وإن كانت الجامعات تدرس باللغة الانجليزية أو الفرنسية أو الأسبانية في كليات أخرى ككليات العلوم والهندسة والطب وطب الأسنان والحاسوب والتمريض والصيدلة وسواها من التخصصات العلمية إلا أن السواد الأعظم من المساقات الجامعية الأدبية تدرس باللغة العربية ( لغة الضاد ) . صحيح أن اللغة الأجنبية تأتي كرديف للغة العربية الأم إلا أن المساقات الجامعية العامة منها من متطلبات جامعية إجبارية عدد ساعاتها المعتمدة قليلة اي أنها لا تلبي الغرض المطلوب من العملية التعليمية العليا .
ولا بد من التنويه ، إلى أن الكثير من الدول العربية سمحت بإنشاء جامعات أجنبية على أراضيها ، مثل الجامعات الأمريكية كالجامعة الأمريكية بالقاهرة وبيروت أو الجامعات الفرنسية كالجامعة الفرنسية في الإسكندرية والجامعة الفرنسية في تونس وأخرى بالإمارات العربية المتحدة . ويكمن الخطر من هذه الجامعات الأجنبية كونها تدرس بلغة غير لغة الضاد المقدسة لدى رب العالمين ، ولدى العرب أجمعين .
وفي الحياة العملية ، نرى أجيال الشباب العربي المسلم الذي يهوى التقليد الغربي على غير هدى ولا كتاب منير ، فيقلد الأعداء في كل شيء من اللباس والطعام والهيئة والدراسة على طريقة التقليد الأعمى فيأخذ القشور ويترك الجوهر ، فتظهر ثقافة التقليد الأعمى دون رقيب أو حسيب ، والأخر من حالات التقليد هي تقليد الأجانب في أحاديثهم بلغتهم فيرطن بلغة أجنبية بين أهله وذويه ، وبالتالي يقدم هدية مجانية للأعداء تتمثل في الإنسلاخ عن اللغة العربية الخالدة المقدسة ، وينسلخ على القيم والمثل العليا الإسلامية . وبرأينا ، فإن كل شاب عربي أو مسلم يقلد الغرب في أحاديثهم ولغتهم بين بني جلدته هو إنسان فاقد لوعيه الحقيقي الديني واللغوي والاجتماعي ، ولديه عقد نفسية معقدة امتصها كالإسفنج من أشرار الغرب . أرجو أن لا يفهم كلامي هذا أنني لا أؤيد دراسة اللغات الأجنبية للتعرف على ثقافات وحضارات الأمم والشعوب الأخرى ، بل أؤيد تعلم اللغات الأجنبية وفق معايير ومقاييس واحتياجات متعددة وجل ما أعنيه هو عدم التكبر والتبختر من الإنسان العربي أو المسلم ، على بني شعبه وأمته بالتحدث لهم بلهجة ولغة فوقية وكأنه يشعرهم بأنه يعرف لغة أخرى .
على العموم ، كما يقول القول المأثور : ( من عرف لغة قوم أمن شرهم ) نعم لتعلم لغة أو لغات أجنبية لاستخدامها في نصرة الإسلام والمسلمين ، فمثلا ترجمة معاني القرآن الكريم من العربية إلى اللغات الأجنبية مطلب حيوي لنشر الإسلام بين ثنايا القارات التي افتقدت للرؤية والروية الإسلامية الصحيحة ليخرجوا من الظلمات على النور ، ظلمات القوانين الوضعية إلى نور الآيات القرآنية البهية .
ولي تجربة خاصة في مجال اللغات الأجنبية ، فقد درست اللغة الانجليزية كتخصص فرعي بالدرجة الجامعية الأولى واللغة الفرنسية في فصلين دراسيين وجزء من العبرية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس وسجون الاحتلال الصهيوني على أيدي أسرى سياسيين فلسطينيين مثلي ، وكنت أتحدث بها مع أجانب أو مع السجانين في السجون الصهيونية ، ولكنني نسيت للأسف جزءا كبيرا من اللغتين الفرنسية والعبرية لعدم الممارسة التطبيقية على أرض الواقع ، وحافظت وصنت جزءا كبيرا من اللغة الانجليزية بذاكرتي ، لأنني أتحدث بها أحيانا كثيرة مع أجانب بحكم طبيعة عملي السابقة في الإعلام والصحافة ، وعملي الجامعي كأستاذ جامعي الآن .
ورغم هذا وذاك ، فإنني لا أتحدث بهذه اللغة الأجنبية أو تلك أو أدونها في معاملاتي مع أبناء شعبي وأمتي العربية أو الإسلامية إلا وقت الحاجة وليس في كل شيء ، ولا أقول ( باي وهاي وأخواتهما ) كما يحصل مع آلاف الشباب الفلسطيني والعربي والمسلم الذين تنكروا للعربية المقدسة ، التي قدسها البارئ عز وجل . من جهة ثانية ، ألاحظ بعض المدونين العرب في مدونات كثيرة يفضلون كتابة أسماءهم باللغة الأجنبية ويحيدون عن الصراط المستقيم ، يبتعدون عن اللغة المقدسة لغة الضاد ، لغة الآباء والأجداد ، ونسى أو تناسى هؤلاء الشباب أو الرجال أو النساء على السواء ، أن أحد الأهداف الاستعمارية هو سلخ الشعب أو الأمة عن لغتها لاستبدالها بلغة أجنبية أخرى ، وهذا يشكل خطرا استراتيجيا على المدى المتوسط والبعيد .
فيا أبناء أمتي العربية الإسلامية ، استعملوا اللغة الأجنبية مع أهلها ، ولا تستبدلوها بلغتكم المقدسة المباركة فيما بينكم فهي لغة القرآن المجيد ولغة أهل الجنة ، فقد كانت اللغة العربية في العالم هي الأولى ، وحتى تذكر كتب التاريخ العالمي أن أحد شروط تنصيب بطريرك مسيحي في الفاتيكان في روما الإيطالية بأوروبا كرأس روحي للنصارى في العالم هو إتقان اللغة العربية .
وأخيرا نقول ، كما جاء بالقرآن المبين ، على لسان النبي شعيب عليه السلام : { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)}( القرآن المجيد ، الأعراف ) . وقال الله تبارك وتعالى على لسان شعيب أيضا : { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}( القرآن المجيد ، هود ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .